هيئة التحرير
مع تسجيل الريال الإيراني انهياره التاريخي الجديد أمام الدولار، يشير النشاط الإيراني المعارض، “محمد مشائي” إلى أن البلاد تسير باتجاه تكرار السيناريو العراقي، إبان الحصار الدولي بين عامي 1990 و 2003، لا سيما مع ارتفاع الأسعار بشكل كبير.
وكان الريال الإيراني قد سجل انخفاضاً أمام الدولار، الذي سجل 205 آلاف للدولار الواحد، وذلك تزامناً مع تصريحات مسؤولين ماليين إيرانيين، التي أشاروا خلالها إلى أن العملة الإيرانية فقدت نحو 75 في المئة من قيمتها منذ عام 2018.
تحت خط الفقر
السيناريو المتوقع للاقتصاد الإيراني، وخطر المجاعة، يرتبط من وجهة الناشط “مشائي” -اسم مستعار- بما سجلته إحصائيات البرلمان الإيراني، التي كشفت عن تضاعف تكاليف المعيشة في البلاد خلال الأشهر القليلة الماضية، لافتاً إلى أن نسبة الفقر ارتفعت في إيران خلال عامين إلى 80 في المئة.
وكان مركز الأبحاث التابع للبرلمان الإيراني، قد أشار إلى أن تكاليف المعيشة للأسرة الإيرانية ارتفعت خلال الفترة الماضية، من 130 دولار شهرياً إلى 250 دولار، وهو ما يشكل خط الفقر المعتمد وفقاً للمركز.
في السياق ذاته، يوضح مصدر إيراني خاص، في حديثه مع مرصد مينا، إلى أن قطاع العقارات والسكن كان الأكثر تأثراً بانهيار النقد الإيراني، خاصةً وأنها ارتفعت في العديد من المناطق والمدن الكبرى؛ بنسبة تصل إلى 25 في المئة خلال الأسابيع القليلة الماضية، مقارنة بذات الفترة من العام 2019.
وكانت بيانات البنك المركزي الإيراني، قد كشفت عن ارتفاع معدل التضخم السنويبـ 41 في المئة، لافتةً إلى أنه المستوى الأعلى خلال 25 عاماً.
كما يؤيد المصدر إمكانية تكرار السيناريو العراقي والعملة العراقية في إيران، في ظل تشديد العقوبات الأمريكية على مفاصل الاقتصاد الإيراني، لافتاً إلى أن العقوبات جففت بشكل كبير احتياطي القطع الأجنبي في البنك المركزي الإيراني، ما أثر أيضاُ على نسبة التضخم في البلاد.
خلال اليومين الماضيين، أقر الرئيس الإيراني، “حسن روحاني” بعجز بلاده عن تأمين القطع الأجنبي، في ظل العقوبات الأمريكية المتواصلة.
سياسات وتبديد للثروات
سياسة النظام الإيراني وانفاقه المليارات على دعم الميليشيات في كل من اليمن وسوريا والعراق، بالإضافة إلى التعنت في الملف النووي، يرى فيها المصدر سبباً رئيسياً في رسم المستقبل القاتم للاقتصاد الإيراني، مضيفاً: “جميع العقوبات المفروضة على إيران مرتبطة بتلك السياسات التي لا تراعي المصلحة الاقتصادية، إيران بلد نفطي يعتمد على صادرات النفط بنسبة 90 في المئة من الموازنة العامة، وبفقدان مداخيل النفط يمكن القول بأن إيران فقدت كامل مقومات نهوض الاقتصاد ودعمه ودفع عجلة التنمية، ومن هنا يأتي أثر العقوبات الاقتصادية”.
وتدعم إيران ما يزيد على 72 ألف مقاتل في سوريا وما يزيد عن 15 ميليشيا في العراق، بالإضافة إلى دعم ميليشيات حزب الله في لبنان وميليشيات الحوثي في اليمن.
اعتبار النفط واحداً من أهم ثروات إيران، يدفع الناشط الإيراني، “مشائي” إلى المقارنة بين إيران ودول الجوار، لافتاً إلى وجود فجوة كبيرة في معدلات التنمية والرخاء المجتمعي بين دول الخليج، التي تعتمد أيضاً على مداخيل النفط، وبين الأوضاع الاقتصادية في إيران، الآخذة بالتدهور بشكل يومي، على حد قوله.
وسبق لرئيس مركز أبحاث البرلمان الإيراني، “محمد قاسمي”، التأكيد على إمكانات النمو الاقتصادي في إيران آخذة في الانخفاض منذ عام 2011 وحتى عام 2020.
مستقبل محتوم .. نظام منفصل عن الشعب
طبيعة السياسة، التي يتبعها النظام الإيراني وأجنداته، يرى فيها الناشط “مشائي” انفصالاً بين مصالحه من جهة ومصالح الشعب من جهة أخرى، مضيفاً: “اليوم هناك فصل بين مصالح النظام الإيراني، الذي يتخذ من المشروع الفارسي ذريعة لحكم البلاد ونهب ثرواتها، وبين مصالح الشعب الإيراني، التي تتطلب علاقات حسن جوار وانفتاح على العالم، والتخلص من شبح العقوبات”.
كما يلفت “مشائي” إلى أن الجوع ينهش في أمعاء الإيرانيين منذ أكثر من أربعين عاماً وليس وليد اليوم، إلا أن السنوات الأخيرة، بدأ الجوع يتحول إلى مجاعة، ما دفع العديد من أبناء الشعب الإيراني إلى الخروج في الشوارع والتعبير عن رفضهم لتلك السياسات، مشيراً إلى أن الميل العام لدى الشباب الإيراني حالياً تجه لانفتاح أكبر على العالم.
تزامناً مع رؤية الناشط “مشائي”، يؤكد المصدر -الذي فضل عدم ذكر هويته- أن إيران تتجه إلى خيار من اثنين، أولهما ثورة جياع تفوق قدرة النظام على قمعها، خاصةً وأن الحركات الاحتجاجية آخذة بالتوسع، أما ثانيهما، احتمال تكرار سيناريو العراق من خلال توجيه ضربة عسكرية تنهي النظام بعد فترة حصار خانقة قد تستمر لسنوات قادمة، لافتاً إلى ان الخيار الثانية يعتبر الأكثر بعداً، نظراً لطبيعة المرحلة الحالية وعدم قدرة المنطقة على تحمل حربٍ جديدة.