هيئة التحرير
استحدث رئيس الجزائر، عبد المجيد تبون، هيئة رقابة محلية يُطلق عليها “وُسطاء الجُمهورية”، كآلية جديدة للإصغاء للمواطنين، وتُساعده في تسيير شُؤون البلاد، وأثارت هذه الخطوة انتقادات واسعة لأنها ستُكلفُ البلاد أعباء مالية جديدة هي في غني عنها، كما أنه لم يتم تحديد دورها ودور المُحافظين المحليين (وُلاة الجُمهورية).
وعين الرئيس الجزائري، 48 وسيطاً للجُمهُورية بعدد المُحافظات الجزائرية، إضافة إلى 11 مندُوباً محلياً للوسيط الوطني عبر المُقاطعات الإدارية، يشتغلون تحت رئاسة الوسيط العام للجُمهُورية كريم يُونس، وبحسب ما كشفت عنه رئاسة الجمهورية سيكُون للوُسطاء الذين تم تعيينهم مقر في كُل ولاية للاستماع إلى شكاوى وتظلُمات المُواطنين ضد الإدارات والهيئات الحُكومية والأمنية.
منصب بلا جدوى
وقبل إقدامه على هذه الخُطوة، عيَن رئيس الجزائر في فبراير/ شُباط الماضي، كريم يونس (رئيس البرلمان الجزائري السابق)، وسيطاً للجُمهُورية، وقد سبق وأن عُين كرئيس لهيئة الحوار والوساطة التي نشأت العام الماضي في خُضم الحراك الشعبي، وهي المرة الثانية التي يتم خلالها استحداث منصب وسيط الجُمهورية، حيث سبق وأن أقدم الرئيس الجزائري السابق، اليامين زروال، على استحداث هذا المنصب عام 1996، غير أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة قام بإلغائه وقال إنه بلا جدوى.
وعرفت رئاسة الجُمهورية عبر مرسوم صادر في الجريدة الرسمية على أنها هيئة طعن غير قضائية، تعملُ على حماية حُقوق المُواطنين وحُرياتهم وقانونية سير المؤسسات والإدارات العمومية.
ومن بين صلاحيات الوُسطاء المُتابعة والرقابة العامة، التي تسمحُ لها بتقدير حسن علاقات الإدارة بالمواطنين، ويمكن لكل شخص طبيعي استنفد كل الطرق، ويرى أنه وقع ضحية غبن بسبب خلل في تسيير مرفق عمومي أن يخطرها.
أزمات متكاملة
ويمنح المرسوم الرئاسي لاستحداث وسيط الجمهورية لهذا الأخير، مركزيا أو محليا، صلاحيات التحريات التي تسمح له، بالتعاون مع الإدارات والمؤسسات المعنية، إنجاز مهامه، ومنح سلطة طلب معلومات ووثائق من أية إدارة أو مؤسسة يرى أنها يمكن أن تقدم له مساعدة مفيدة، كما يمكنه أن يطلع على أية وثيقة أو ملف لهما صلة بالقضايا المطروحة أمامه، عدا ما يرتبط بأمن الدولة والدفاع الوطني والسياسة الخارجية، قبل تقديم تقرير إلى رئيس الجمهورية يتضمن التدابير والقرارات التي ينبغي اتخاذها ضد الإدارة المعنية أو موظفيها.
وتزامن وضع هيئة “مُوازية” تُراقب أداء الحُكومة مركزياً ومحلياً، مع الاحتجاجات التي تشهدها الولايات بين الحين والآخر بسبب البيروقراطية التي تُصنفُ في خانة المُشكلات الأكبر التي يُواجهها الجزائر، إضافة إلى أزمة السكن والبطالة وتفشي الجريمة.
العهد البائد
واشتكى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، بنفسه في تصريح إعلامي، من تغول الإدارة المحلية، ودعا في لقاء جمعه مع مُحافظي الجُمهورية (الولاة) في فبراير/ شُباط الماضي، إلى كسر الحجز الذي بناه العهد البائد بين المواطن والدولة في إشارة منه إلى حقبة الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة.
وخاطب تبون مُحافظي الجُمهورية بالقول: “في هذا الظرف الخاصّ أنتم ملزمون كمسؤولين محليين بالتغيير محليًا، بالابتعاد كليًّا عن السلوكيات القديمة، والتقرّب من المواطن لكسر الحاجز الذي بناه العهد البائد بين المواطن والدولة حتى تسترجع الثقة المفقودة”.
وطالب في هذا الإطار، الولاة والمسؤولين “الكف عن تقديم الوعود الكاذبة” والالتزام بما يستطيعون فعلًا تقديمه للمواطن والعمل على “محاربة اللامبالاة والاستخفاف بقضاياه”، وهذا لن يتأتى، حسبه، إلا عبر الاعتماد على الإطارات ذات الكفاءة بغض النظر عن مشاربها.