هيئة التحرير
أصبحت تحركات المغرب لتعزيز ترسانتها العسكرية، في الفترة الأخيرة، تُثيرُ مخاوف جارتها الشمالية إسبانيا، إذ حذرت أطراف سياسية داخلها من ارتفاع نفقاتها العسكرية، والتطور النوعي بين الرباط وأمريكا والذي قد يفتحُ المجال على مصراعيه أمام تفاهمات حول صفقات أخرى خاصة وأن واشنطن تُعتبرُ المُزود الرئيسي للمملكة بالأسلحة.
وعلى الرغم من أن هذه التحركات ليست بالجديدة، غير أن أحزاباً إسبانية، أظهرت قلقها، حيث تقدم حزب “فوكس” اليميني المتطرف بمقترح إلى البرلمان الإسباني يطلب فيه بالرفع من ميزانية الدفاع لاقتناء أسلحة أكثر وتعزيز العلاقات مع الولايات المُتحدة الأمريكية لمُواجهة التسلُح المغربي والجزائري.
ونُشر النص الأصلي للمُقترح الذي تقدم به حزب “فوكس” المُتطرف الذي يُعتبرُ القُوة السياسية الثالثة في إسبانيا في جريدة “فوس بوبلي”، وسلط المُقترح الضوء على قيام المغرب بتحديث جيشه وتحويله إلى أقوى جيش في إفريقيا ووسع من رُقعة علاقاته بالولايات المُتحدة الأمريكية.
أقوى جيش أفريقي
وفسر الحزب الإسباني، نتائج التقارب الأمريكي المغربي، على أن هذه العلاقات هامة لضمان الدعم في حالة نُشُوب نزاع مع دولة جارة أو مُطالبة المملكة المغربية بالسيادة على أراض ومياه بحرية قريبة من المغرب، واستدل الحزب بالقاعدة العسكرية المشتركة التي شيدها المغرب بالتنسيق مع واشنطن في الجنوب المغربي بالقرب من “طانطان”. كذلك ذكر حزب “فوكس” اليميني المُتطرف الجزائر وقال إنها انخرطت في عملية تسليح قوية للغاية، واستشهد بسلاحها البحري وقال إنه “حقق قفزة نوعية بامتياز” وفق المشروع المُقدم للبرلمان.
واحتفظت الجزائر طيلة السنوات الأخيرة بلقب القُوة العسكرية الأُولى في المغرب العربي لفترة طويلة، ويُعتبرُ الجيش الجزائري في المرتبة الثانية كأقوى جيش إفريقي بعد الجيش المصري، بفضل الترسانة العسكرية والتكنولوجية التي شيدتها الجزائر منذُ استقلالها عن فرنسا سنة 1962، حيث استغلت جزءاً كبيراً من عائداتها النفطية والمعدنية في عمليات إنفاق ضخمة لبناء أقوى جيش في المنطقة.
سباق التسلح
بينما تسعى المملكة المغربية إلى تحقيق تفوق عسكري إقليمي ورفع مُستوى قُدراتها القتالية وامتلاك منظومة تسليحية مُتطورة من خلال خُطة خُماسية وضعتها تمتدُ من عام 2017 وحتى 2022، في وقت بلغ حجم الإنفاق العسكري المغربي خلال الفترة المُمتدة ما بين 2005 و2015 نحو 48 مليار دُولار، واحتل المغرب المرتبة الثانية إفريقيا ضمن كبار مُشتري السلاح بين عامي 2012 و2016، في وقت استحوذت الرباط على 15 بالمائة من إجمالي مُشتريات إفريقيا بعد الجزائر.
وتُركزُ المملكة المغربية على شراء الطائرات الحربية النفاثة والمروحية والسفن والصواريخ والدبابات والفرطاقات والغواصات وأنظمة الرادارات، وكشف تقرير صادر عن شركة “الاستخبارات الدفاعية الإستراتيجية” سنة 2017 المُعنون بـ “مُستقبلُ جاذبية الصناعة _ السُوق الدفاعية في المغرب” أن المغرب والجزائر اشتريا نصف ما اقتنته أفريقيا من أسلحة بين أعوام 1956 و2015، كذلك وفي إطار سباق التسلح بينهما يتوقّع التقرير أنه في الفترة ما بين 2018-2022 سينفق المغرب 18.6 مليار دولار لأغراض دفاعية، من بينها 5.7 مليار دولار مخصصة لتمويل مشتريات الدفاع، وهي أرقام تعدّت مشتريات الرباط نصفها بالفعل في نصف مدة التوقع “عامين من أربعة.
قوة ضغط حقيقية
واعتبر الحزب الإسباني أنه من حق الجزائر والمغرب تطوير جيشهما ووصفهما بالدولتين الصديقتين، غير أنه طالب في المُقابل بضمان إسبانيا تفوقاً عسكرياً عليهما لكي تضمن سيادة مدريد على سبتة ومليلية وجزر الكناري. ووجه انتقادات لاذعة لحُكومة الائتلاف المُكونة من الحزب الاشتراكي وحزب بوديموس في تفريطها في العلاقات مع الولايات المتحدة، وركز على ضرورة الرفع من ميزانية الجيش الإسباني إلى 2% من الناتج القومي الخام للبلاد.
وسبق وأن أظهرت إسبانيا مخاوفها من أن يتحول التسلح الجزائري والمغربي إلى أداة للضغط عليها، ويبدو أن هذه المخاوف بدأت تُترجم اليوم. وكانت جريدة أنفو دفينسا (أخبار الدفاع) قد نشرت الشهر الماضي خبر اقتناء إسبانيا 20 مقاتلة من نوع يوروفايتر لتعزيز أسطولها الجوي الحربي في مواجهة المغرب والجزائر.