هيئة التحرير
باتت ليبيا عمقًا استراتيجيًا لمصر، تتحرك فيه القاهرة بخطى حثيثة لمراقبة تغيرات المشهد السريعة هناك، حيث تقوم القوات المسلحة المصرية بدعم جهود وتحركات الجيش العربي الليبي في المعارك الدائرة بالعاصمة وبعض المناطق الأخرى مع مجموعات حكومة الوفاق التي تسيطر على طرابلس العاصمة وأجزاء أخرى من البلاد والتي تحظى بدعم وتدخل تركي مباشر، رغم التنديد الدولي.
مواجهة التحركات التركية
عقدت تركيا مع حكومة «الوفاق» في ليبيا، اتفاقية بحرية وأمنية في شهر تشرين الثاني الماضي، تسببت بانتقادات دولية متتالية، خصوصًا من اليونان وقبرص ومصر، لتتصاعد بعدها التوترات بين البلدان الأوروبية وتركيا على خلفية الملف الليبي والتنقيب عن النفط في البحر المتوسط، وتأزمت أكثر مع دخول فرنسا على خط الأزمة، ومطالبتها من الاتحاد الأوروبي بوضع حدٍ للانتهاكات التركية.
في معرض تحركاتها، وفي سبيل التصدي لتلك الخطوات، وقعت مصر واليونان، قبل أيام اتفاقية مشتركة تتيح للبلدين الاستفادة من ثروات المتوسط، وفي هذا السياق، قال وزير خارجية مصر سامح شكري، إن العلاقة بين مصر واليونان تحكمها مصالح متبادلة، موضحًا خلال مؤتمر صحافي مع نطيره اليوناني بعيد توقيع الاتفاقية، أن الاتفاق يعكس صدق إرادة القيادة السياسة في الدولتين نحو مزيد من الارتقاء بالعلاقات السياسية والاقتصادية، والعمل على استمرار الزخم المتواصل الذي تشهده الدولتان في مختلف المجالات.
ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ الفعلي، مع إقرار البرلمان المصري، يوم أمس الثلاثاء، اتفاقية تعيين الحدود البحرية مع اليونان، بعد يوم من موافقة اللجنة الدستورية والتشريعية في المجلس على الاتفاقية، التي تقطع الطريق على التدخلات التركية شرق المتوسط.
اللجنة الدستورية، أكدت عدم وجود مخالفة دستورية أو قانونية في الاتفاق، مبينة أن طريقة إقرارها تخضع لتصويت البرلمان، فيما ذكرت لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية، أنه وفق المذكرة الإيضاحية، فإن الاتفاق يعد تعيينًا جزئيًا للحدود البحرية بين الطرفين، وسيتم استكمال تعيين تلك الحدود حينما يكون ذلك مناسبا من خلال المشاورات بين الطرفين فيما بعد النقطة “A” والنقطة “E”، وفقا للقانون الدولي.
تحركات ميدانية
ميدانيا، عقد رئيس حكومة الوفاق، قبل فترة اجتماعًا مع مسؤولين أتراك وقطريين… تناول “بحث مستجدات الأوضاع في ليبيا والتحشيد العسكري شرق سرت ومنطقة الجفرة” التي عدتهما القاهرة خطاً أحمر لا يجوز تجاوزه بعد تقدم قوات “الوفاق” على حساب قوات “الجيش الوطني الليبي”.
وتم توقيع اتفاق تركي قطري مع «الوفاق» لجعل ميناء مصراتة قاعدة بحرية لتركيا في المتوسط، وهو ما سيتيح لأنقرة نشر عتاد بحري كبير وقويّ في المنطقة، في إطار مواصلة خطط تثبيت وجودها العسكري والتجاري في منطقتي شمال إفريقيا وشرق وجنوب البحر الأبيض المتوسط، حيث تتصارع دول عدة على حقوق استخراج النفط والغاز.
الاتفاق الثلاثي الجديد، ينص على إنشاء مركز تنسيق عسكري ثلاثي مقره مدينة مصراتة، على أن تمول الدوحة مراكز ومقرات التدريب لمقاتلي “الوفاق”. كما عقد السراج اتفاق تعاون أمني وبحري مع الأتراك تسبب في انتقادات حادة خاصة من اليونان وقبرص، إلا أن اتفاقه مع قطر يعد الأول من نوعه، ومن المرجح أن يثير انتقادات من القاهرة ودول عربية أخرى خاصة التي تقاطع الدوحة.
مبعوثين ورسائل
بثت القيادة العامة لـ”الجيش الوطني الليبي” لقطات مصورة للقاء جمع المشير خليفة حفتر، واللواء خالد مجاور مدير إدارة المخابرات الحربية المصرية.
اللقاء عالي المستوى، جرى صبيحة يوم أمس الثلاثاء، في مقر القيادة العامة للجيش الوطني الليبي، حيث حضر اللقاء الفريق عبدالرزاق الناظورى رئيس الأركان العامة، والفريق صقر الجروشي، رئيس أركان القوات الجوية، في الجيش الوطني الليبي.
اللقطات سبقها تأكيد مكتب الإعلام القيادة العامة لـ”الجيش الوطني” أن الجنرال حفتر، تلقى خلال اللقاء رسالة هامة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عبر مدير إدارة المخابرات الحربية المصرية اللواء خالد مجاور.. حيث لم يكشف البيان فحوى وتفاصيل الرسالة، مكتفيًا بوصفها بالهامة.
إن دلالات التوقيت حاضرة بقوة في زيارة مسؤول المخابرات المصرية، بعد ما ذكر عن موافقة حكومة فايز السراج على تحويل ميناء مصراتة إلى قاعدة بحرية تركية، بتمويل قطري، هذه الاتفاقية التي تستحق أن تسمى «المؤامرة الثلاثية» وهذا ما دعا المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، اللواء أحمد المسماري، إلى اعتبار أن «الآلة الحربية الإرهابية القطرية التركية اجتمعت في طرابلس من أجل شيئين: الأول نقل المعركة من شرق المتوسط إلى ليبيا لتخفيف الضغط على تركيا، والثاني وهو الأهم أن طرابلس منذ أشهر شهدت توترات ومشاكل بين الميليشيات».