تلقت جماعة الإخوان المسلمين ضربة قاصمة مع اعتقال القائم بأعمال المرشد “محمود عزت” في عملية ناجحة للأمن المصري قبل أيام. وفي محاولة من تيارات الجماعة لتجاوز تبعات تلك الضربة.. والعمل على التدارك السريع لآثارها للظهور بمظهر المسيطر والمتماسك، لتعلن الجماعة اختيار ابراهيم منير قائمًا بأعمال المرشد العام للجماعة.
وبين ضرورات المرحلة وكسر قواعد سابقة عبر اختيار منير لمنصبه الجديد في سابقة جديدة كونه خارج مصر ومقيم في لندن منذ فترة طويلة.. مع ما سببه اختيار “منير” من رفض لدى تيارات شبابية في ظل انقسامات حادة تعيشها الجماعة أصلًا.. ما يؤكد أن التنظيم الذي انتقل إلى مراحل العمل السري في مصر والمطاردة والملاحقة محليًا ودوليًا؛ بات أمام مفترق طرق فعلي لا يعرف نتيجته ولا منتهاه.
السيرة الذاتية لإبراهيم منير
من مواليد مدينة المنصورة 1937، واستقر فترة زمنية في منطقة إمبابة بالقاهرة، وتخرج فى كلية آداب جامعة القاهرة عام 1952، وصدر ضده حكم بالإعدام في قضية (تنظيم 65 التي حوكم فيها سيد قطب)، ثم خفف للمؤبد وخرج من السجن عام 1975.
تم اتهامه في القضية رقم 404 حصر أمن دولة عليا، المعروفة إعلامية بـ(التنظيم الدولي لـالإخوان المسلمين)، عام 2009، وصدر بحقه حكم بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات، ثم صدر قرار بالعفو من الرئيس (الإخواني)، محمد مرسي، في آب/ أغسطس 2012″
هرب القيادي “ابراهيم منير” من مصر، ليستقر فترة في دولة الكويت، حيث ساهم في تأسيس عدد من المراكز الإسلامية والجمعيات والشركات في دول الخليج، لتكون ستارًا لعمل التنظيم، ثم تقدم بطلب للجوء السياسي إلى بريطانيا وبعد خمس سنوات تمت الموافقة على طلبه فسافر إلى لندن، حيث حصل على الجنسية البريطانية، وتولى مسؤولية الأمانة العامة للتنظيم الدولي، وكان ممثلًا عن لجنة الاتصال الخارجي بالتنظيم”.
وكان الباحث في الجماعات الإرهابية، عمرو فاروق، أكد في حديث مع الـ”RT” أن “منير يمثل امتدادًا للتيار القطبي باعتباره المتهم رقم 30 في المجموعة الثانية ضمن قضية تنظيم 65، الذي أسسه سيد قطب، وينتهج أفكار التكفير وجاهلية المجتمعات وتوظيف العنف لتحقيق أهداف التنظيم الإخواني”.
وأشار فاروق إلى أن “إبراهيم منير يمثل الذراع الرئيسية التي تدير مختلف الملفات في الخارج بحكم سيطرته على مكتب لندن أو مكتب التنظيم الدولي، بحكم أنه عضو بالتنظيم الخاص، ومن المقربين من جيل وتيار “مصطفى مشهور” المؤسس الحقيقي للتنظيم الدولي، فضلا عن أنه أصبح عضوًا أساسيًا بمكتب الإرشاد من الخارج نهاية مرحلة المرشد الثالث، “عمر التلمساني”، حيث جرى تعيينه نائبًا ثالثًا للمرشد العام لتنظيم الإخوان في الخارج، بتعليمات مباشرة من محمود عزت، في عهد المرشد السابق للجماعة “محمد مهدي عاكف”، عام 2009، (رغم رفض مهدي عاكف لهذا القرار) وذلك خلفا لكل من الدكتور “حسن هويدي” المراقب العام لـ “الإخوان” في سورية، وعبد الرحمن خليفة، مراقب الإخوان في الأردن”.
أسباب الاختيار الجديد
وفي حديث مع “روسيا اليوم” أمس السبت، اعتبر “عمرو فاروق” الباحث المصري في شؤون الجماعات الإرهابية، أن أسباب متداخلة وراء اختيار “إبراهيم منير” مرشدًا لجماعة “الإخوان المسلمين”. إذ أكد الباحث أن استقرار “الإخوان” على اختيار منير، وفقًا للتسريبات التي خرجت مؤخرًا من داخل الجماعة، هو “اتباع اللائحة الداخلية للتنظيم الدولي، التي تسند مهمة الإشراف المؤقت للنائب الأول، في حال تعثر المرشد من القيام بمهامه سواء بالمرض أو السجن”.
أزمات محتملة
يحتمل أن يقود اختيار “منير” لمنصب القائم بأعمال المرشد، لفتح الباب أمام الصراعات والانشقاقات الداخلية من قبل بعض الأجنحة التي تعترض على وجود “إبراهيم منير ومحمود حسين”، الأمين العام للجماعة في صدارة المشهد الإخواني، فضلًا عن توجيه الاتهامات إليهما بالفساد المالي والأخلاقي، وهيمنتهما على مختلف مفاصل التنظيم في الداخل والخارج”.. وفق ما أشار له الباحث عمرو فاروق في حديثه الإعلامي.
ليتابع الباحث أن “هناك أزمة أخرى ربما هي أقرب إلى الاشتعال، تتجسد في قضية تدويل منصب المرشد، بعد أن ظل مقتصرًا على “إخوان مصر” على مدار تاريخ تأسيس الجماعة منذ حسن البنا عام 1928، حيث كانت هناك محاولات كثيرة لكسر تلك القاعدة، من خلال إخوان الكويت وتونس ولبنان، والتي نتج عنها فيما بعد أزمة (بيعة المقابر)، التي كان بطلها مأمون الهضيبي، بهدف تنصيب “مصطفى مشهور” مرشدًا خامسًا للتنظيم عقب وفاة “محمد حامد أبو النصر” في يناير كانون ثاني عام 1996″.
رفض وصراع أجنحة “المرشد سري”
أثار إبراهيم منير موجات جدل في كواليس الإخوان قبل تسلمه منصبه الحالي.. ليجدد التكليف الجديد تلك الإشكاليات المحيطة بشخصية المرشد المؤقت “منير” حيث أكد الكاتب والمفكر ثروت الخرباوي، أن هناك تمردًا داخل جماعة الإخوان “المصنفة إرهابيًا” بشأن تولي “إبراهيم منير” منصب مرشد الإخوان، أو قائمًا بأعمال المرشد بدلًا من المعتقل “محمود عزت”.
الخرباوي، وخلال مداخلة هاتفية مع برنامج “صالة التحرير”، المبثوث على قناة صدى البلد، قال إن “منير” شخصية مثيرة للمشاكل ولا يرضى الإخوان أن يكون قائما بأعمال المرشد. كاشفاً أن القيادي الإخواني إبراهيم منير كان وثيق الصلة بمحمود عزت، القائم بأعمال المرشد السابق.
ليقدم تصريحات صادمة أكد فيها أن هناك مرشدًا سريًا اتفقت عليه جماعة الإخوان، ودفعت باسم “إبراهيم منير” للإعلام ليكون في الواجهة، لعدم تسليط الضوء على المرشد السري، مؤكدًا أن المرشد السري المتفق عليه موجود داخل مصر. وأوضح أن هناك ثلاثة عناصر من الإخوان تابعين لتنظيم «65» موجودين داخل مصر لتولي منصب القائم بأعمال المرشد. كما فضح الخرباوي أسرار تسليم أفراد من التنظيم لمحمود عزت للأمن المصري حيث أرشد عن المكان المختبئ فيه، مشيرًا إلى خلاف محتدم بين الإخوان في السجون، حيث يعتدون على بعض، ويبيعون بعضًا بسهولة، و”باعوا محمد مرسي بمجرد وفاته” وفقًا للخرباوي.
البيان يؤكد الانشقاقات
يمكن استشراف حالة الغضب داخل صفوف تنظيم الإخوان، بعد تعيين إبراهيم منير مرشداً عاماً للجماعة، عبر البيان الذي أصدره التنظيم مناشدًا فيه جميع المكاتب الإدارية على مستوى الجمهورية، باحتواء شباب الجماعة، بعد انتشار الأقاويل، حول رفضهم تعيين إبراهيم منير مرشدا للجماعة. حيث جاء في بيان للتنظيم نشره موقع العربي الحديث: “في هذه الأوقات الدقيقة، إذ نهيب بالمكاتب الإدارية والشعب على مستوى الجمهورية، باحتواء الشباب المكافح المتحمس لقضية الأمة، وإيصال الصورة كاملة، بشأن الظروف التي صاحبت اختيار السيد إبراهيم منير، ليكون قائما بأعمال المرشد، وهي المسئولية الصعبة التي رفض الكثيرون توليها في هذا التوقيت الحرج”.
ثم أضاف البيان: “بناء عليه، فإننا نهيب بكل الشباب على مستوى الجمهورية، بالالتزام المطلق والطاعة الواجبة، وعدم الالتفاف حول الصف، ومحاولة التوحد ضد ما نتعرض له من أزمات وابتلاءات والله ولي التوفيق”.
إسلام سياسي دون الإخوان
اعتبر ضياء رشوان، نقيب الصحفيين المصريين، أن الإسلام السياسي، ما يزال موجودًا، فهناك أحزاب ذات طبيعة إسلامية، وأن الدستور المصري لم يمنع ذلك، حسب تعبيره.
ليضيف في حواره لبرنامج “المساء مع قصواء” المعروض على قناة ten: “المجتمع المصري يحتمل ويحتاج وجودها، وجماعة الإخوان خرجت من توصيف الإسلام السياسي بعد 30 يونيو، بعد لجوئها إلى العنف”. ثم أشار ضياء رشوان إلى أن جماعة الإخوان أصبحت اليوم مفتتة في كل مكان تتواجد فيه “أصبحت مجموعات في لندن وتركيا”.
ليؤكد في ختام حديثه: انتهى الوجود التاريخي للجماعة، فهي تصارع من أجل الإبقاء الإعلامي على اسمها، لكنها فقدت جوهرها، كانت تقول إنها جماعة دعوية لكنها انتهت على منصة رابعة العدوية في 44 يوما، جماعة كانت تزعم أنها سلمية، وكانت تقول إنها دعوية.