تعيش أغلب ولايات ومناطق السودان أوضاعا كارثية، بعد أن فاق عدد قتلى الفيضانات التي تشهدها البلاد 100 قتيل، وشردت مئات الآلاف من السكان، وأدت لانهيار أكثر من 100 ألف منزل.
وتسببت الفيضانات التي اجتاحت السودان، إلى إجلاء مئات الآلاف من السكان من المناطق المنكوبة بالإضافة إلى انهيار كلي أو جزئي لأكثر من 100 ألف منزل. وقرر مجلس الأمن والدفاع السوداني، اعتبار البلاد كلها منطقة كوارث طبيعية، وأعلن حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر بسبب الفيضانات والارتفاع القياسي لمنسوب المياه. وتضرر أكثر من نصف مليون إنسان بأضرار متفاوتة.
وقال مجلس الأمن والدفاع السوداني في إعلانه، إنه بعد “تأكيد كل القراءات على تجاوز معدلات الفيضانات والأمطار هذا العام للأرقام القياسية… تم الإعلان عن حال الطوارئ بجميع أنحاء البلاد لمدة 3 أشهر”. مضيفاً أنه تقرر اعتبار السودان “منطقة كوارث طبيعية”، كما تم “تشكيل لجنة عليا لدرء ومعالجة آثار السيول والفيضانات لخريف هذا العام”. بدورها أعلنت كل من الإمارات والسعودية ومصر تقديم مساعدات للسودان في محنته. وانتشرت صور الفيضانات المأساوية في السودان على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تفاعل الناس بينهم سودانيون وعرب تحت هاشتاغ “من قلبي سلام للخرطوم” وأيضاً هاشتاغ “السودان”.
موجة تضامن
وقد هبت موجة تضامن عبر مواقع التواصل، داعية إلى إرسال المساعدات إلى السودانيين المنكوبين. وشارك ناشطون ومغردون صوراً للسيول ولبعض المساكن التي جرفتها المياه، داعين إلى التضامن مع الشعب السوداني، تماماً كما حصل مع بيروت، بعيد انفجار الرابع من آب/ أغسطس. وعقب تواتر الصور والمقاطع المتلفزة لغرق السودانيين، تصدر هاشتاغ “من قلبي سلام للخرطوم”، قائمة الأكثر تداولاً على موقع “تويتر”، بآلاف التغريدات العربية التضامنية مع الشعب السوداني. وغلب على مشاركات المغردين العرب على موقع “تويتر”، الدعاء للسودان بالخروج من المحنة القاسية وتفريج الكروب، فيما نشر آخرون صورا لسودانيين يبتسمون رغم مظاهر الخراب والدمار، كدلالة على التمسك بالأمل والحياة.
كما تلونت معظم الحسابات على “تويتر”، بالألوان الأربعة للعلم السوداني، في إشارة افتراضية للتضامن مع البلد العربي المنكوب. وتزامناً مع هذه الدعوات، بدأت مجموعات ومنظمات طوعية سودانية في الوصول إلى بعض المناطق المتضررة لتقديم الخيم والأغذية. ووصلت مساعدات إنسانية من السعودية ومصر والكويت والاتحاد الأوروبي.
آثار السودان في خطر
وبالإضافة إلى الخسائر البشرية والمادية التي أعلن عنها سابقا من قبل الحكومة، حذر مدير الوحدة الأثرية الفرنسية في السودان مارك مايو من أنّ منطقة “البجراوية” الأثرية التي كانت فيما مضى عاصمة للمملكة المروية، مهدّدة بالفيضان بسبب ارتفاع منسوب مياه نهر النيل إلى مستوى قياسي.
وقال عالم الآثار الفرنسي إنّ مفتّشي الآثار السودانية، بنوا سدوداً في المكان بواسطة أكياس معبّأة بالرمال واستخدموا المضخّات لسحب المياه ومنعها من إتلاف هذه التحفة الأثرية. كما أضاف “لم يسبق أبداً للفيضانات أن بلغت مدينة البجراوية الملكية التي تبعد 500 متر عن مجرى نهر النيل”، وتقع على بعد 200 كيلومتر إلى الشمال من الخرطوم. وإذ أكّد العالم “مايو” أنّ “الوضع حالياً تحت السيطرة” حذّر من أنّه “إذا استمرّ ارتفاع منسوب النيل، فقد لا تعود الإجراءات المتّخذة كافية”.
وأضاف أنّ مواقع أثرية أخرى مهدّدة بالفيضان على طول مجرى النيل. وتجدر الإشارة إلى أن منطقة البحراوية الأثرية، المدرجة منذ 2003 على قائمة اليونيسكو للتراث العالمي، تضمّ المقبرة حيث أهرامات مروى الشهيرة والمدينة الملكية لهذه الإمبراطورية المركزية التي حكمت من سنة 350 قبل الميلاد إلى سنة 350 ميلادية وكانت أراضيها تمتدّ في وادي النيل لمسافة 1500 كيلومتر، من جنوب الخرطوم وصولاً إلى الحدود المصرية.
معالجات جذرية
وحسب عدد من المسؤولين في الدولة، فإن السودان يعيش فيضانات وسيول غير مسبوقة منذ أيام مما أسفر عن تأثر 16 ولاية من ولايات البلاد. كما تجاوزت معدلات الفيضانات والأمطار لهذا العام، الأرقام القياسية التي رصدت خلال الفترة ما بين 1946 وحتى 1988 مع توقعات باستمرار مؤشرات الارتفاع.
وكان رئيس الوزراء، عبدالله حمدوك، قد أكد أن “مناسيب النيل وروافده هذا العام وبحسب وزارة الري والموارد المائية غير مسبوقة منذ 1912.” كما أشار إلى أن فيضان هذا العام أدى لخسائر مفجعة وموجعة في الأرواح والممتلكات.
وحول هذا الموضوع، قال مدير الإدارة العامة للدفاع المدني السوداني، أحمد عمر سعيد، إن الإدارة تمكنت من تقليل حجم الخسائر المتوقعة من الفيضان نتيجة للتنسيق الكبير بشأن إدارة الأزمة مع الجهات ذات الصلة. موضحاً في مؤتمر صحفي مع وزير الري والموارد المائية مساء الثلاثاء، نقلًا عن وكالة السودان للأنباء، أن إدارته قامت بمراقبة المناسيب ووضع نقاط ارتكاز في مناطق الهشاشة والاستعدادات للتعامل مع حالات الإيواء والأضرار، وتدخلت لإخلاء العجزة وكبار السن والمعوقين.
وطالب الدولة بضرورة اتخاذ خطوات عملية، ووضع معالجات جذرية، وسن تشريعات تمنع السكن في مجاري الأنهار والأودية، ومراجعة عملية التخطيط، وترحيل المواطنين القاطنين في المناطق التي وصلت إليها مياه الفيضان إلى مناطق آمنة، مشيرًا في هذا الخصوص إلى قرارات سابقة بترحيل منطقة طوكر و43 قرية أخرى لمناطق آمنة تعثرت بسبب ارتباط المواطن بهذه المناطق ما أدى إلى تكرار نتائج الكارثة.
واعترف بعدم رضائهم بما يقدمونه بسبب ضعف الإمكانات، وحول ما تم اتخاذه لإنقاذ الآثار في منطقة البجراوية، مؤكداً إيفاد فرق إلى المنطقة تعمل بكفاءة عالية، وما تزال متواجدة لمنع وصول الفيضانات إلى الآثار. وفي تعليقه على امتحانات الشهادة السودانية، أكد مدير الإدارة العامة للدفاع المدني عدم وجود مشكلة في المباني، وأن مراكز الامتحانات مهيئة لكن هناك بعض الصعوبات فيما يتصل بوصول الطلاب إلى مراكز الامتحانات في بعض المناطق بالسودان.