اتخذت محكمة “سيدى امحمد” بالعاصمة الجزائرية اليوم الأربعاء، بالسجن سنتين منها سنة مع وقف التنفيذ، على “محمد جميعي” الأمين العام السابق لحزب جبهة التحرير الوطني “الحاكم” فى عهد الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة.
المحكمة ثبت تهم “جميعي” حول سوء استغلال الوظيفة وإهانة صحفي، لتقضي كذلك بتغريمه 200 ألف دينار (الدولار يساوي ما يقارب 126 دينارا).. وكانت النيابة قد طالبت بحبس جميعى 3 سنوات وتغريمه 500 ألف دينار جزائري.
وسجن “جميعي” النائب السابق فى المجلس الشعبى الوطنى (الغرفة الأولى بالبرلمان) والأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني، سجنًا مؤقتًا منذ سبتمبر أيلول 2019.
تأجيل محاكمة طحكوت
سياقًا، قرر مجلس قضاء الجزائر (محكمة الاستئناف) اليوم الأربعاء، تأجيل قضية محيي الدين طحكوت رجل الأعمال الى 21 أكتوبر تشرين أول المقبل بهد غياب أحد المتهمين (عبد الغني زعلان) وزير النقل الأسبق.
حيث سبق وادانت محكمة “سيدي امحمد”، المتهم طحكوت، المحسوب على الدائرة المقربة من بوتفليقة، بالسجن 16 عامًا وتغريمه 8 ملايين دينار بعد إدنته بتهم تتعلق بالفساد، وغسيل الأموال والحصول على امتيازات غير مشروعة وهي القضية التي أدين فيها أيضا وزراء ومسؤولين سابقين منهم رئيسي الوزراء السابقين أحمد أو يحيى وعبد المالك سلال.
ابنة الرئيس السابق
وفي خطوة بارزة، تمثل اليوم أمام المحكمة في الجزائر “نشناشي زليخة شفيقة” المعروفة بـ “مايا” التي تعرف نفسها أنها الابنة السريّة للرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، حيث تتابع في قضايا فساد، تورط فيها معها العديد من كبار المسؤولين السابقين.
واوضحت “لوموند الفرنسة” أنه في أعقاب استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة في شهر أبريل نيسان 2019 بسبب ضغط الشارع، ورطت السيدة “مايا”، التي يقدمها جزء من المؤسسة الجزائرية أو يعتبرها “الابنة الخفية” للرئيس الجزائري السابق، معها وزيرين وقائدا في الشرطة وواليًا (محافظًا) وعضوا في مجلس الأمة.
وتواجه هذه الأخيرة، مع ابنتيها، تهمة “غسل الأموال في إطار عصابة إجرامية منظمة، وطلب مزايا غير مستحقة وقبولها باللجوء إلى موظف عمومي، والتواطؤ في إساءة استخدام المنصب”. إذ تم العثور بمنزلها على 17 كيلوغراماً مجوهرات ومبلغ 270 ألف يورو و30 ألف دولار و120 مليون دينار جزائري
تفتيش يورط مسؤولين
القضية التي مست الابنة السرية للرئيس السابق، انكشفت مع تفتيش مفاجئ في شهر يوليو عام 2019 لأحد منازل “مايا”، (فيلا غربي الجزائر العاصمة)، وقد تم العثور على 17 كغ مجوهرات ومبلغ 270 ألف يورو و30 ألف دولار و120 مليون دينار جزائري.
ليكتشف المحققون لاحقًا أنها تمتلك كذلك مجموعة من العقارات والأراضي المكتسبة أو الممنوحة في ظروف مضطربة.. ناهيك عن التبرعات العينية من رجال الأعمال.
شخصية غامضة
وصفت «لوموند» الفرنسية، الابنة “مايا” بالشخصية “الغامضة” التي ما يزال يتوجب تحديد طبيعتها الحقيقية لصلاتها مع عبد العزيز بوتفليقة.
مسار الابنة يشابه مسار الأغنياء الجدد، الذين صنعوا ثرواتهم الطائلة، أحيانًا من العدم، في ظل حكم عبد العزيز بوتفليقة. وتكثر إشارات أن بعض أولئك الشخصيات الغامضة أقام صداقات مع “السيدة مايا”، (التي كانت تاجرة أقمشة حتى نهاية التسعينيات)، وفقًا لتحقيق أجرته صحيفة Le Soir d’Algérie.
بدأت “مايا” ذات الـ 50 عامًا اليوم، صعود مسيرة النفوذ والثراء في عام 2001 بعد اجتماع مع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي قدمت له نفسها على أنها ابنة صديق قديم محارب في حرب التحرير.. إلا أن تلك المحادثات التي لم” تتجاوز المبادلات الودية البسيطة” مكنتها ببساطة من الوصول إلى جهاز الدولة وجني ثروة كبيرة”.
اليوم، تتهم “مايا” سعيد بوتفليقة شقيق عبد العزيز ونائب الرئيس السابق غير الرسمي للنظام بأنه نصب لها فخاً، لأنه كان يكرهها لقربها من شقيقه الأكبر.
مطالب بمحاكمة بوتفليقة
خلال الشهرين الماضين، برز اسم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة للتداول في المحكمة، بعد اعتقال رئيسي الحكومة والوزراء السابقين الملاحقين في قضايا فساد وتجري محاكمتهم بشأنها في الوقت الحالي.
ويعلل من يطالب بتحميل المسؤولية على بوتفليقة، بصفته صاحب القرار والطرف الذي كان يصدر التعليمات المتعلقة بمنح الصفقات للشركات ورجال الأعمال، وهو ما تترتب عليه مسؤوليته الجنائية عن قضايا الفساد، مع تصاعد المطالبة باستدعائه للمحكمة..
وكان وزير النقل والأشغال العمومية الأسبق عمار غول، الموقوف في قضايا فساد، في جلسة المحاكمة في يونيو، أمام القاضي خلال جلسة الاستجواب في قضية تخص زعيم الكارتل المالي علي حداد، أكد وأعلن أنه كان يطبق تعليمات الرئيس الأسبق بوتفليقة فيما يخص كيفية منح الصفقات.
ليعلن غول (يصنف كإسلامي منشق عن إخوان الجزائر عام 2012)، أن الرئيس بوتفليقة أصدر في مارس/آذار 2012 تعليمات بكل وضوح يقول فيها إنه “ليس هناك فرق بين القطاع الخاص والقطاع العام، وطلب منا تشجيع القطاع الخاص لكي يأخذ الصفقات بالتراضي، وكل القطاعات في إطار تعليمة رئيس الجمهورية كانت تمنح في إطار التراضي البسيط”. مشيرًا إلى أن “شركة زعيم الكارتل المالي تعد أكبر شركة للأشغال العمومية في البلاد، ووفق هذه التعليمة الرئاسية يمكنها أن تحوز على الصفقات”.
كما بيّن الوزير الأسبق في محاكمته أن “منح الصفقات بالتراضي كان يتم على مستوى مجلس الحكومة والوزراء، وما أنا – والكلام لـ غول – إلا واحد من 40 وزيرا، وعندما يصوت مجلس الحكومة بالإجماع بمنح الصفقة، يتم إعطاؤها للمجمع ويتم إقرار الصيغة بالتراضي والتكلفة والمؤسسات والسند القانوني”.