انطلق أول هذا الأسبوع في برلين، عبر دائرة الفيديو مؤتمر دولي بتنظيم ألماني وتعاون أممي. وشاركت في هذا المؤتمر الى جانب الدول التي شاركت في اجتماع “برلين 1” دول الجوار الست والدول المشاركة في لجنة المتابعة مثل سويسرا وهولندا بينما غابت عنه الاطراف المتنازعة.
وكان المتحدث باسم الخارجية الألمانية قد أوضح أن هدف المؤتمر هو الدفع لتطبيق قرارات مؤتمر برلين، وأضاف أن هناك إشارات إيجابية يجب البناء عليها، خاصة بعد المحادثات التي استضافتها مونترو السويسرية. ويبدو جليا من خلال تصريحات الوزير الامريكي ان “برلين2 “لن يشذ عن” برلين 1 “الذي كان الهدف منه ضمان مصالح الأطراف الخارجية المتدخلة في ليبيا مع اختلاف جوهري هذه المرة وهو حدوث تغييرات سياسية وميدانية في الازمة التي نجح فرقاؤها في الاجتماع مرة جديدة للتباحث في المغرب بعد فشل اغلب الوساطات والمبادرات المطروحة من أكثر من دولة.
التوقيت والأهداف
يأتي مؤتمر “برلين2” قبيل أيام من عقد مؤتمر يضم عددا من المشاركين الممثلين للتيارات السياسية الليبية، والذي كان مقرراً عقده في سويسرا منتصف الشهر الجاري، وتم نقله إلى تونس لظروف لوجيستية. فيما وتوازيا مع اجتماع برلين اختتمت أمس المفاوضات في بوزنيقة المغربية والتي انطلقت الجمعة الماضي بعد تأجيل بحوالي اسبوع وتجمع هذه المفاوضات الفرقاء الليبيين لبحث ملف المناصب السيادية من بوابة الاتفاق على ضوابط تقنية وقانونية وسياسية وإدارية، لمن سيشغل المناصب.
وحسب البيان الختامي فقد توصل طرفا النزاع الى اتفاق على أن يعود منصب محافظ البنك المركزي إلى إقليم برقة وهو أحد المناصب السيادية. كما اتفق الجانبان على أن يعود منصب نائب محافظ البنك المركزي إلى إقليم طرابلس. وأيضاً على المعايير والضوابط لشغل منصب المحافظ ونائبه في البنك المركزي الليبي.
وتظل المفاوضات الليبية الليبية مرتبطة بمدى تأثير الاطراف الخارجية وهو ما قد يدفع للتساؤل حول أيّة انتظارات مرتقبة لبرلين2.
مستقبل ليبيا على المحك
وفي هذا السياق وجه أمين عام الأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الإثنين، ثلاثة رسائل لحل الأزمة الليبية القائمة منذ سنوات. وفي مداخلة عبر دائرة تلفزيونية، قال غوتيريش: “أريد توجيه ثلاث رسائل بسيطة”. مضيفاً: “أولا، مستقبل ليبيا على المحك، وأدعو جميع الليبيين لمواصلة العمل من أجل وقف دائم لإطلاق النار، والمساهمة بشكل بناء في منتدى الحوار السياسي الليبي، الذي تيسره الأمم المتحدة، ومراعاة مصالح الشعب الليبي أولا”.
وتابع الأمين العام حديثه: “ثانيا، يجب تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها في مؤتمر برلين بشأن ليبيا (19 يناير الماضي)، ومنها التنفيذ الكامل وغير المشروط لحظر توريد الأسلحة، الذي فرضه مجلس الأمن، وأن تتوقف فورا الشحنات الخارجية للأسلحة وغيرها من أشكال الدعم العسكري”. أما الرسالة الثالثة، بحسب غوتيريش، فهي أنه “يجب أن نجتمع معا لتستعيد ليبيا قدرتها على توفير الخدمات الأساسية والأمن لسكانها، الذين تدهورت ظروفهم المعيشية باستمرار، ليس فقط نتيجة للصراع، ولكن أيضا بسبب سوء الإدارة والفساد المستشري”.
ويعاني البلد الغني بالنفط من صراع مسلح، بين الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وميليشيات حكومة الوفاق المرتزقة الذين يقاتلون معها، على الشرعية والسلطة، ما أسقط قتلى وجرحى بين المدنيين، بجانب دمار مادي هائل. إذ دعا غوتيريش إلى “الرفع الفوري والدائم وغير المشروط للحصار المفروض على إنتاج وتصدير النفط، والذي كان له تأثير مدمر على الاقتصاد”. كما دعا إلى “تفكيك شبكات الاتجار بالبشر الإجرامية في جميع أنحاء البلاد على الفور، وإطلاق سراح اللاجئين والمهاجرين المحتجزين في ظروف غير إنسانية وتوفير مأوى آمن لهم”.
كما حثت “الدول الأعضاء بالأمم المتحدة، على توفير المزيد من أماكن إعادة التوطين والإجلاء للاجئين وطالبي اللجوء الذين تقطعت بهم السبل في ليبيا”. ولفت غوتيريش إلى استقالة الحكومة (المؤقتة) شرقي ليبيا، في 13 سبتمبر، وإعلان رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فائز السراج، في 16 من الشهر نفسه، تسليم السلطة بحلول نهاية أكتوبر الجاري. معتبراً أن هذين الحدثين “يوفران دافعا إضافيا للجهات الفاعلة الليبية لاستئناف الحوار السياسي وإدارة عملية تعيد البلاد إلى السلام المستدام والاستقرار والتنمية”.
وزاد غوتيريش بأن البعثة الأممية في ليبيا “تحضر لسلسلة اجتماعات ومشاورات لتسهيل استئناف المحادثات السياسية الليبية الشاملة، بقيادة وملكية ليبية”.
تعاون أمنى وعسكري
وكان قبل أيام قد سافر كل من حفتر قائد الجيش الليبي، وعقيلة صالح الى مصر لتباحث الأزمة ومنذ يومين أيضا كان السراج جالسا في حضرة الرئيس التركي، رجب طيب اردوغان، الذي أكد “التضامن التام” مع حكومة الوفاق الليبية، الذي يمدها بالسلاح والمقاتلين. وقال السراج: “في الوقت الذي نسعى فيه لتحقيق السلام على كامل التراب الليبي فإننا سنواصل رفع درجة الاستعداد والتأهب لمواجهة أي طارئ مستفيدين في ذلك من التجارب السابقة”. حسب تعبيره.
وأضافت حكومة الوفاق الوطني الليبية أن الاجتماع استمر لساعتين، وبحث كذلك “التعاون الأمني والعسكري وبالأخص في مجال بناء القدرات الدفاعية والأمنية الليبية من خلال برامج التدريب والتأهيل والتجهيز، إضافة إلى عدد من المواضيع المتعلقة بمكافحة الإرهاب، وذلك وفقا لمذكرة التفاهم في هذا الشأن، والموقعة بين البلدين في شهر نوفمبر 2019”.
واتفق الجانبان على أن “تشهد المرحلة المقبلة توسيع آفاق التعاون ليشمل مختلف المجالات الاقتصادية والتنموية، وتنفيذ ما تم الاتفاق بشأنه من عودة الشركات التركية لاستكمال المشاريع المتوقفة في ليبيا، وإعطاء الأولوية لمساهمة الشركات المتخصصة في مشاريع الخدمات وبرامج الصيانة والبدء بعدد من القطاعات الحيوية وفي مقدمتها قطاعي الكهرباء والصحة، لإيجاد حلول جذرية للمشاكل في القطاعين بكفاءة وفي زمن قياسي”
وهذه اول زيارة للسراج لتركيا منذ إعلانه اعتزام التنحي من منصبه. وتوازيا مع ذلك أيضا كان لوزير الدفاع الأمريكي الأسبوع الماضي جولة بمنطقة شمال أفريقيا زار خلالها تونس ثم الجزائر ثم المغرب وكان الملف الليبي أحد أبرز الملفات التي ناقشها الوزير الامريكي مع دول المنطقة. كما نقلت وسائل الإعلام أيضا أخبارا عن اتصال هاتفي مطول مساء الأحد بين خالد المشري رئيس بـ”مجلس الدولة” الاستشاري، وأمير قطر تميم بن حمد.