امرت النيابة العسكرية في طرابلس، بالقبض على رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد نعمان الشيخ بتهمة التستر على مسؤولين متهمين بالفساد وحمايتهم. وفي خطاب وجهته النيابة، امس الاثنين الى جهاز الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب التابع لوزارة الداخلية، قالت فيه ان قرار القبض على رئيس هيئة مكافحة الفساد، جاء على خلفية اخفائه تقريرا صادرا عن لجنة الهيئة بشان التجاوزات المالية بجهاز الطب العسكري ووزارة الصحة في حكومة الوفاق. وياتي هذا الاجراء ضمن تحقيقات جارية في القضية رقم 79 لسنة 2020 المتعلقة بالتجاوزات المالية بجهاز الطب العسكري.
وفي 19 أغسطس الفارط، كانت النيابة العسكرية، قد وجهت التهمة لسبعة مسؤولين بخصوص التجاوزات المالية وإهدار المال العام بجهاز الطب العسكري ضمن قائمة الممنوعين من السفر إلى الخارج، مع استلام جوازات سفرهم.
والمتهمون السبعة هم وكيل وزارة الصحة بحكومة الوفاق حاليا محمد هيثم عيسى الصيد، وهو أيضًا رئيس مجلس إدارة جهاز الطب العسكري سابقًا، إضافة إلى مدير عام الجهاز اللواء عمر هويدي، ومدير إدارة المشروعات بالجهاز محمد سالم، والمراقب المالي بالجهاز عمار التائب، فضلًا عن ثلاثة مهندسين بإدارة المشروعات وهم عبدالحكيم عطية ويونس امسلم وعدنان البشتي.
هيئة مكافحة الفساد مستاءة
وفي ردها على هذا القرار، اكدت هيئة مكافحة الفساد أن رئيسها نعمان محفوظ بالشيخ، يترأس جهاز سيادي تابع للسلطة التشريعية ويتطلب القانون اخذ إذن مجلس النواب للتحقيق معه معربة عن استغرابها إحالة طلب الحضور له بعد مرور 12 يوما من صدوره، وسط تضخيم إعلامي للأمور، دون بيان التهم أو توضيحها بالشكل الصحيح .
وأكدت الهيئة أنها مختصة بالتحري والكشف عن جرائم الفساد وقد أبدت تعاونها التام في حال اتبعت الطرق القانونية الصحيحة لطلب التقارير أو البيانات أو المستندات ذات العلاقة وذات فائدة في تحقيقات النيابة العسكرية.
ولفتت الهيئة إلى أن مجلس النواب أوضح في كتابه للمدعي العام العسكري ضرورة مراعاة الإجراءات القانونية الصحيحة مع الجهات التابعة للسلطة التشريعية.
وبينت الهيئة أنها أحالت ملفات فساد هامة للنائب العام وابرزها فساد وكيل وزارة التعليم وبعض المجالس البلدية والشركات الخاصة.
وعبرت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد عن استيائها من طلب المدعي العام العسكري في طرابلس القبض على رئيسها نعمان محفوظ الشيخ.
وأشارت الهيئة، في خطاب رسمي، إلى أن الشيخ، يشغل منصب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد حتى تاريخه، ووفقا لنصوص الاتفاق السياسي (الفقرة الأولى/ المادة 15) أصدر ما يسمى بمجلس الدولة قراراه رقم (02) لسنة 2019م، بشأن استمرارية العمل لشاغلي المناصب القيادية للوظائف السيادية في محضر اجتماع المجلس في جلسته العامة رقم 43 و كان الشيخ ضمن الأسماء الواردة بصفته رئيسا للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المكلف.
وأضافت أن رئيس مجلس النواب أصدر كتابًا بتاريخ 3 يوليو 2019م، مخاطبًا الشيخ، بأن يستمر تكليفه رئيسًا للهيئة وفق الاختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 11 لسنة 2014.
وأكدت الهيئة أنه لا يجوز وفق القانون، وفي غير حالات التلبس، القبض أو التحقيق أو اتخاذ أي إجراءات جنائية ضد رئيس أو وكيل أو أعضاء مجلس الهيئة أو الموظفين الدين يتمتعون بصفة الضبط القضائي إلا بإذن من الجهة المختصة، ويصدر بالنسبة للرئيس والوكيل وأعضاء الهيئة من رئيس السلطة التشريعية.
التلاعب بالمال العام
تعود اطوار القضيّة إلى شهر أغسطس الماضي، عندما كشف ديوان المحاسبة الليبي الستار عن واقعة فساد مالي، وكيل وزارة الصحة بحكومة الوفاق محمد هيثم وجهاز الطب العسكري التابع لوزارة دفاع الوفاق.
وقال ديوان المحاسبة، إن الأموال الموجهة لمكافحة تفشي وباء كورونا في ليبيا ذهبت إلى جيوب مسؤولين تابعين لحكومة الوفاق، وطالب باعتقال كل المتورطين في عمليات السرقة والاختلاس.
كما أوضح أن الأموال التي تم تخصيصها لمواجهة الجائحة تمّ التلاعب بها من قبل مسؤولين بالجهاز قاموا بتمرير معاملات مالية مخالفة للقوانين واللوائح المعمول بها، فضلا عن اعتماد وصرف أموال دون وجود ما يقابلها من أعمال على أرض الواقع بمشروعات مراكز العزل الصحي داخل بلديات نالوت والزنتان وزوارة.
إلى ذلك، طلب رئيس الديوان خالد شكشك آنذاك، المدعي العام العسكري والنائب العام بتوقيف عدد من مسؤولي الجهاز، كونهم تواطأوا فيما بينهم مستغلّين مواقعهم الوظيفيّة لغرض تحقيق منافع للغير دون وجه حقّ، على رأسهم مدير جهاز الطب العسكري، عمر البصير ميلاد هويدي.
وضمت قائمة المتهمين أيضا كلا من محمد سالم حسين (مدير إدارة المشروعات بجهاز الطب العسكري)، وعدنان بشتي (مهندس مشرف بإدارة المشروعات)، وعبدالحكيم سالم عطية (مهندس مشرف بإدارة المشروعات)، ويونس محمد امسلم (مهندس مشرف بإدارة المشروعات)، وعمار منصور التائب (المراقب المالي بجهاز الطب العسكري).
وفقا لذلك، أصدرت النيابة العسكرية، مطلع الشهر الماضي، أمرا بمنع وكيل وزارة الصحة محمد الهيثم، وأعضاء الطب العسكري الذين وردت أسماؤهم في تقرير ديوان المحاسبة، من السفر مع استلام جوازتهم، إلى حين الانتهاء من التحقيقات المتعلقة بالتجاوزات المالية التي أفصح عنها.
يشار إلى أنه خلال الفترة الأخيرة، نفذّت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق، حملات اعتقال بحقّ وزراء ومسؤولين كبار، بدعاوى تورطهم في قضايا فساد، من بينهم وزير الحكم المحلي ميلاد الطاهر ووكيل وزارته التي أمرت النيابة العامة بحبسهما، على خلفية تهم نهب مال عام تقدّر بعشرات الملايين، وكذلك رئيس المجلس البلدي ببني وليد سلم نوير الذي تم سجنه بعد اختلاسه أموالا مخصّصة للنازحين.