تزامناً مع تصاعد معدلات الفقر والجوع في إيران، يتنامى الحديث عن ثروة المرشد الأعلى للثورة في إيران، “علي خامنئي” وانتشار الفساد في البلاد، خاصة وأن التقديرات تشير إلى امتلاك المرشد 200 مليار دولار، وهو ما يعادل أربع أضعاف خسائر الاقتصاد الإيراني جراء العقوبات الأمريكية منذ منتصف عام 2018 وحتى مطلع العام الجاري.
يشار إلى أن المبعوث الأمريكي السابق إلى إيران، “براين هوك”، قد كشف أن خسائر الاقتصاد الإيراني جراء العقوبات الأمريكية وصلت حتى مطلع 2020 إلى 50 مليار دولار.
مؤسسة مستضعفان.. وكر الفساد والثروة المشبوهة
تناول قضية الفساد في إيران، يقود بشكل مباشر إلى ما يعرف بـ “مؤسسة مستضعفان”، والتي تعتبر أكبر مؤسسة اقتصادية في البلاد بعد شركة النفط الإيرانية، والتي تأسست عام 1979، بعد تولي المرشد السابق للثورة، “علي خميني” الحكم في إيران.
يشير أحد موظفي المؤسسة السابقين، لمرصد مينا، بعد أن طلب إخفاء هويته لأسباب أمنية، إلى أن المؤسسة وأموالها قامت على مصادرة أملاك النظام السابق، بذريعة إعادة تقسيمها على الشعب لرفع مستوى المعيشة، مشيراً إلى أن الواقع كان أنها استخدمت لرفع مستوى معيشة المرشد، وأن معظم دخل تلك المؤسسة لا يعرف أين يذهب.
كما يوضح الموظف السابق، أن المؤسسة تخضع بشكل مباشر لسلطة “خامنئي”، واصفاً إياها بوكر الفساد في إيران، كونها تمثل مركز نشاط “خامنئي” المالي ومن قبله “خميني”، لافتاً إلى أن ميزانيتها تفوق 3.5 مليار دولار.
يشار إلى أن تقارير إعلامية كشفت في وقت سابق، عن امتلاك المؤسسة 200 مصنع موزع على كافة أنحاء إيران، بالإضافة إلى عدد كبير من البنوك والمؤسسات المصرفية، التي تتحكم بشكل شبه كامل في مفاصل الاقتصاد الإيراني.
الحديث عن أنشطة مؤسسة مستضعفان داخل الاقتصاد الإيراني، تكاد لا تنتهي بحسب الموظف السابق، مشيراً إلى أن معاملها تسيطر بشكل شبه كامل على معظم الصناعات المحلية من أصغرها إلى أكبرها.
ويلفت الموظف إلى أن ثروة “خامنئي”، تدار بأسلوب الشبكة، حيث يسيطر من خلال مؤسسات ومصانع وبنوك ومصارف وقنوات توزيع، على حركة الأموال والثروة في إيران، موضحاً: “مؤسسات خميني تنتج وتصنع وتسوق وتبيع وتتحصل على النقود، كله في دائرة مغلقة يصعب اختراقها”.
الهيئة الرضوية.. للفساد تتمة
لا تتوقف أنشطة “خامنئي” الاقتصادية عند مؤسسة مستضعفان، وفقاً للموظف السابق، مضيفاً: “إذا كنت أن تبحث جيداً في الفساد عليك أيضاً بالهيئة الرضوية، التي تعتبر نهر أموال متدفق من خلال التبرعات وعائدات المزارات الشيعية”.
يقدر الموظف السابق دخل الهيئة الرضوية سنوياً، ما يتجاوز 300 مليون دولار أمريكي عبر زيارة المزارات، لافتاً إلى وجود مبالغ هائلة إضافية تصل إلى خزينة الهيئة من خلال التبرعات والأعمال الخيرية والعائدات المالية، والتي لا يمكن تقديرها بأي شكل، على حد قوله.
تعليقاً على ما كشفه الموظف السابق، يعتبر المحلل الاقتصادي، “حميد رضا طبطبائي”، أن الحديث عن فساد شركات “خامنئي” وحجم الثروة، يكشف عن نظرة النظام لثروات إيران على أنها ملكية خاصة، مشيراً إلى أن ثروة “خامنئي” لوحدها قادرة على حل معظم مشكلات الشعب الإيراني.
ويضيف “طبطبائي”: “في الوقت الذي تقدر فيه ثروة خامنئي بـ 200 مليار دولار، يصل الدين العام الإيراني للبنوك إلى 30 مليار دولار، بالإضافة إلى انكماش اقتصاد البلاد بنسبة 8.7 في المائة في العام المالي”، لافتاً إلى أن نسبة الفقراء الفعلية في إيران وصلت إلى نحو 50 بالمئة، خلال الأشهر الأخيرة.
فساد تقليدي وإحصائيات تقود إلى نتائج
تمركز ثروة “خامنئي” في شبكة من المنشآت المالية، لا تعني بحسب، “طبطبائي”، غياب ما أسماه بـ”الفساد التقليدي”، مشيراً إلى أن الكثير من صفقات الفساد تتم من خلال المشاريع الحكومية وصفقات الاستيراد والمقاولات المرتبطة بالدولة والأنشطة النفطية.
تزامناً، يعتبر المحلل السياسي والمعارض الإيراني، “وحيد حيدري” أن حجم الفساد والثروة لدى مسؤولي النظام عموماً، والتباين الكبير بينها وبين ما يعيشه الإيرانيون، يكشف بشكل واضح أن البلاد تعاني من أزمة إدارة وتسلط نظام، وأن العقوبات المفروضة على إيران لم تؤثر على حياة الإيرانيين كما أثر عليها الفساد.
يوضح “حيدري”: “انظر إلى حجم ثروات النظام والإحصائيات حول ما يملكه المسؤولين من أموال وعقارات وأملاك، إنها بازدياد على الرغم من تشديد الضغوطات والعقوبات، هذا يعني أن العقوبات لم تقتل الإيرانيين ولم تجوعهم، وإنما السياسات الحاكمة والسلطة المستبدة هي من أوصلت البلاد إلى ما هي عليه”، لافتاً إلى أن امتلاك المرشد لـ 200 مليار دولار على الرغم من العقوبات، يؤكد أن النظام يعاني من أزمة ضمائر وأن إيران لا يزال فيها ثروات قادرة على رفع الجوع والظلم والقهر عن الإيرانيين.
يذكر أن رئيس مركز المعلومات التابع لبلدية طهران، “غلام حسين محمدي”، قد كشف مؤخراً عن ارتفاع معدل التشرد بين الإيرانيات خلال الأشهر الأربعة الماضية، بنسبة 20 في المئة، لافتاً إلى أن إجمالي عدد المشردين في طهران خلال العام الحالي وصل إلى 700 ألف، مقابل 490 ألف مشرد مسجل في العام 2019.
كما يعلق “حيدري” على الإحصائيات السابقة، بأنها نتيجة لسياسات النظام ونظرته إلى الشعب الإيراني كعبيد لديه، ليس مضطراً حتى لدفع أجورهم أو تحسين حياتهم أو الحد من معاناتهم.
وتحتل إيران المرتبة 146 عالميًا في التنصيف الأخير الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، والذي يظهر الدول الأكثر والأقل فسادًا.