قامت الولايات المتحدة الامريكية بتجميد أصول يمتلكها أعضاء جماعة “كانيات” الليبية المتهمة بقتل مئات المدنيين في بلدة ترهونة الغربية، كما منعت التعامل معهم. واتخذت الولايات المتحدة الامريكية هذا القرار بشكل احادي مستخدمة قانون “ماغنيتسكي”، بعد ان رفضت الموافقة على فرض عقوبات على هذه الجماعة المسلحة طالبة رؤية المزيد من الأدلة التي تثبت قتل “الكانيات ” للمدنيين..
وكانت الولايات المتحدة وألمانيا قد اقترحتا في وقت سابق من هذا الشهر أن تفرض لجنة العقوبات المفروضة على ليبيا، التابعة لمجلس الأمن الدولي، تجميد الأصول وحظر السفر على ميليشيا الكانيات، إلا أن روسيا قالت اعترضت.
قتلوا مدنيين وعذبوا اخرين
وقال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين في بيان إن محمد الكاني وميليشيا الكانيات عذبوا وقتلوا المدنيين خلال حملة قمع وحشية في ليبيا. وحسب نص البيان، فان الولايات المتحدة تقف إلى جانب الشعب الليبي، وستستخدم الأدوات والسلطات المتاحة لها لاستهداف منتهكي حقوق الإنسان في ليبيا وفي جميع أنحاء العالم.
واكدت وزارة الخزانة في بيانها إن ميليشيا كانيات مسؤولة أيضا عن مئات من عمليات الإعدام بإجراءات موجزة في سجن ترهونة، والعديد من حالات الاختفاء، القسري وتشريد عائلات بأكملها من مدينة ترهونة. وتسعى العقوبات الأميركية إلى تجميد أي ممتلكات لمن وردت أسماؤهم تحت الولاية القضائية الأميركية ومنع وصولهم إلى التجارة العالمية والنظام المصرفي.
وقد برز اسم جماعة الكانيات أو “اللواء السابع” بعد فرض الخزانة الأمريكية مؤخراً عقوبات عليها. وتتضارب الأنباء حول انتماء هذه الجماعة التي اتهمَت بارتكاب مجازر عدة وتصفيات راح ضحيتها العشرات في ليبيا، وتشهد عليها المقابر الجماعية المكتشفة مؤخراً في ترهونة.
وكانت النيابة الليبية، قد أصدرت في منتصف يونيو أوامر بالقبض على 20 شخصاً اتهمتهم بالمسؤولية عن تلك المقابر الجماعية، وعلى رأسهم محمد خليفة الكاني، وعبد الرحيم الكاني، وعمر الكاني.
خمسة اشقاء ثأروا لاخيهم
و”الكانيات” لقب يطلق على عائلة الكاني التي تتكون من خمسة أشقاء، بعد مقتل شقيقهم السادس علي الكاني على يد عصابة إجرامية في عام 2013 بطريقة وحشية، فقرر أشقاؤه الانتقام له. وفي ظل حالة الانفلات الأمني، قتلوا جميع أفراد العصابة وعوائلهم.
ومن هناك، اتجه أفراد “الكانيات” للسيطرة على مقر كتيبة “الأوفياء” العسكرية في مدينة ترهونة، واستحوذوا على الأسلحة الثقيلة الموجودة به، وطردوا جميع الملشيات من المدينة، وشكلوا قوة عسكرية تتكون من عناصر كانت تنشط داخل قوات النخبة في النظام السابق مثل اللواء 32 معزز، وكتيبة محمد المقريف، إضافة الى عدد من خريجي الأكاديميات والمدارس العسكرية.
وبسطوا نفوذهم على مدينة ترهونة، قبل أن تستعيد حكومة الوفاق الليبية السيطرة على المدينة. لكن التحول اللافت في هذه الجماعة، هي انتقالها من جماعة قاتلت مليشيات حفتر، إلى جماعة دخلت في اشتباكات مسلحة مع ألوية أخرى، بعد أن قرر المجلس الرئاسي حلها في أفريل الماضي.
غموض حول ولائها
ومع أن اللواء السابع، يعلن تبعيته لحكومة الوفاق، إلا أنه لا يرضخ لأوامرها، ولا حتى لاتفاقات وقف إطلاق النار، التي جرت تحت إشرافها، ناهيك عن أن الحرس الرئاسي وقيادة أركان القوات التابعة للوفاق، تبرأت من اللواء السابع، الذي هاجمت صفحته الرسمية حكومة الوفاق بعد تعرض مدينة ترهونة لقصف جوي. وتفيد تقارير متطابقة الى ان اللواء السابع، ينتمي إلى الجماعة الليبية المقاتلة، بحكم أن مؤسسها “عبد العليم الساعدي”، حارب في أفغانستان، كما أن قائدها الحالي محمد الكاني، يوصف بأنه ينتمي إلى “التيار السلفي المدخلي”. ولكن في واقع الامر، يحيط الغموض بولاء وهوية اللواء السابع وسط شبهات تفيد بعلاقة خاصة مع بقايا النظام السابق خاصة بعد خروج المدعو أحمد قذاف الدم ابن عم معمر القذافي، ليعلن أن أنصار القذافى يؤيدون اللواء السابع وأنهم وراءه، ومايزيد الغموض هو ظهور قائد عملية فجر ليبيا المدعو “صلاح بادي” فى فيديو يعلن فيه وصول قواته الى طرابلس ومشاركتها فى الحرب تحت نفس الشعار الذى يرفعه اللواء السابع وهو تطهير طرابلس من دواعش المال العام، وهو مانفاه اللواء السابع الذى نفى أيضا علاقته بالكرامة أو فجر ليبيا، حيث قال المتحدث الرسمي باسم اللواء الضابط “سعد الهمالي” أن اللواء قوة عسكرية تابعة لحكومة الوفاق الوطنى وفق القرار الصادر عن وزير الدفاع السابق عام 2017 وأنه يضم عددا ممن سماهم منتسبى الجيش الليبى العريق.
وقد تنصل رئيس المجلس الرئاسى “فايز السراج” من هذا اللواء خلال الأشتباكات الماضية، معلنا أنه قام بحل اللواء فى أبريل الماضى بالقول “اللواء السابع لم يعد تابعا لحكومة الوفاق”.
تمويل الكانيات
وليس واضحاً من يدفع أجور عناصر اللواء ويوفر المؤن والذخائر له بعد حله، دون إعادة توزيع عناصره على بقية الوحدات العسكرية.
فبعد نحو ثلاثة أشهر من حله، قام اللواء السابع بالهجوم على مدينة القرابوللي، التي تعتبر البوابة الشرقية لطرابلس، وسيطر عليها، وبعدها بنحو أسبوعين هاجم الضواحي الجنوبية للعاصمة، وسيطر على معسكر اليرموك، وعلى المطار القديم، الذي خرج منه في نهاية مايو 2017، بضغط من كتيبة ثوار طرابلس، بعد ساعات من دخوله إليه عقب انسحاب قوات حكومة الإنقاذ السابقة منه.
ويُتهم اللواء السابع بارتكاب عدة مجازر وتصفيات في ترهونة والقرابوللي، راح ضحيتها العشرات، حسب وسائل محلية.”. وتفيد المعطيات ان الاخوة الكاني كسبوا ثروتهم من عدة مصادر، من مصنع الإسمنت ومن المزارع ومن الاستيلاء على الأموال التي تحولها حكومة طرابلس إلى البلدية. كما قاموا كذلك بابتزاز السكان وحصلوا على الأموال لإطلاق سراح الأشخاص الذين يتم اختطافهم بشكل عشوائي. في المقابل، قدموا تبرعات ومساعدات لسكان ترهونة الذين عانوا أوضاعاً صعبة بسبب انهيار الاقتصاد الليبي.