افادت المديرية العامة للامن الوطني المغربي، في بلاغ لها ان مصالحها تمكنت بالتعاون الوثيق مع مكتب مكافحة المخدرات بالولايات المتحدة الأمريكية، مساء امس الثلاثاء، من إجهاض محاولة لتهريب 35 كيلوغراما من شحنات الكوكايين الخام كانت قادمة من إحدى دول أمريكا اللاتينية ومتوجهة صوب دول آسيوية.
وحسب نص البلاغ، فان هذه العملية، التي باشرتها ميدانيا مصالح الأمن الوطني وعناصر الجمارك بمدينة طنجة، تندرج في سياق علاقات التعاون الفعال بين المصالح الأمنية المغربية ونظيرتها الأمريكية، في مختلف المجالات والميادين الأمنية، لاسيما في مجال مكافحة الجريمة العابرة للحدود الوطنية وتحديدا الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.
وقد تمت إحالة عينات من الكوكايين المحجوز، الى مختبر الشرطة العلمية بمعهد العلوم والأدلة الجنائية التابع للأمن الوطني من أجل إخضاعها للخبرات التقنية الضرورية، وقياس نسبة تركيزها.
في الاثناء، باشرت عناصر الشرطة القضائية، بحثا قضائيا في الحادثة تحت إشراف النيابة العامة المختصة، وذلك للكشف عن جميع المتورطين في هذه القضية، ورصد امتداداتها الإقليمية والدولية، وكذلك ارتباطاتها بشبكات التهريب الدولي للكوكايين.
مهبط للطائرات المخصصة لتهريب المخدرات
وكان المغرب قد صادرت في وقت سابق، حوالي طنا من الكوكايين عثر عليه في شاحنة في مدينة الجديدة، والذي تبين أنه قادمٌ من أميركا الجنوبية وكان متجهاً نحو أوروبا. وبعد ثمانية أيام من ذلك التاريخ، عثر المكتب المركزي للأبحاث القضائية، المعروف باسم مكتب التحقيقات الفيدرالي المغربي، في قرية بوجدور الصحراوية بالقرب من مدينة الداخلة على بعد مائة كيلومتر من العيون، على مزرعة كان يجري فيها بناء مهبط للطائرات المخصصة لتهريب المخدرات القادمة من أميركا الجنوبية والمتجهة نحو أوروبا. وكان الهدف منه هو إنشاء جسر جوي بين البلدان المنتجة والموزعة لهذه المواد المخدرة. وكان بين المعتقلين الـ17 في هذه العملية، اثنان من أفراد القوات البحرية الملكية المغربية وثلاثة رجال من الدرك، إلى جانب ثلاثة كولومبيين، بحسب احدى الصحف الإسبانية.
وفي عام 2016، ضبط الامن المغربي حوالي طن ونصف من هذه المادة المخدرة، في سابقة هي الأولى من نوعها. وفي السنة التالية، وتحديداً في أكتوبر 2017، سجل المغرب مرة أخرى رقماً قياسياً بضبط حوالي 2.5 طن من الكوكايين في مزرعتين تقعان غرب البلاد، في منطقة الصخيرات المغربية. وتمكنت وحدات الشرطة المغربية ، فيفري 2018، من حجز أكثر من نصف طن من الكوكايين، حوالي 541 كيلوغراماً، في ميناء الدار البيضاء.
منظمات إجرامية دولية لها قواعد في المغرب واسبانيا
وقد اجتاحت عصابات المخدرات الامريكية الجنوبية المغرب العربي وخاصة الجزائر والمغرب، حيث وجدت تجارة الكوكايين وسيلة لاختراق هذه المناطق.
وبحسب الصحيفة الإسبانية، فان السبب المحتمل الذي يفسر ازدهار تجارة المخدرات في المغرب الكبير هو تمركز الجيش الأميركي على الحدود مع المكسيك، بقرار من الرئيس السابق دونالد ترامب. حيث صرح أحد الباحثين الأوروبيين، بأن “عصابات أميركا الجنوبية كانت تستخدم إفريقيا لسنوات كوسيط لإرسال بضائعها إلى أوروبا، وهذا الأمر ليس جديداً. لكن من المؤكد أن النشاط قد ازداد بشكل واضح في السنوات الأخيرة.
ومن جهتها، سعت الشرطة المغربية إلى التخصص في مكافحة الكوكايين. ولقد تورطت عدة شخصيات تابعة لوزارة العدل والجيش والدرك إلى جانب عدد من السياسيين في قضايا تهريب الكوكايين.
وحسب التصريحات الأمنية المغربية، فان المنظمات الاجرامية الدولية التي تفكيكها في اكثر من مرة، لديها قواعد في المغرب كما في إسبانيا، وتتكون من مواطنين مغاربة وإسبان وكولومبيين. كما أن تلك المنظمات تتوفر على قدرات مادية ولوجستيكية ضخمة تسمح بانتشار هائل لقواربها في البحر لتهريب الكوكايين وعرقلة التحركات الأمنية من خلال استعمال وتحريك ثلاثة أو أربعة قوارب في نفس الوقت.
منطقة عبور
وكان مكتب الأمم المتحدة الخاص بالمخدرات والجريمة، قد حذر خلال شهر سبتمبر الفارط من مسارات جديدة لتهريب الكوكايين تقودها شبكات روسية انطلاقا من أمريكا اللاتينية إلى المغرب، في اتجاه أوروبا. وقالت المنظمة العالمية، التي خصصت تقريرها السنوي حول موضوع تأثير كورونا على سوق المخدرات في العالم، والمسارات الجديدة لشبكات التهريب، إن المغرب أصبح منطقة عبور رئيسية للكوكايين، إضافة إلى إسبانيا وبلجيكا وهولندا، بناء على كمية المحجوزات، مشيرة إلى أن أكبر كميات الكوكايين ضبطت في المغرب، تليه الجزائر وناميبيا وموزمبيق وجنوب إفريقيا ونيجيريا، موضحا، في الوقت نفسه، أن تهريب الكوكايين والمؤثرات العقلية والقنب الهندي زاد في إفريقيا بشكل كبير، إذ انتقلت كمية الكوكايين المضبوطة من 1.2 طن في 2015 إلى 5.6 في 2018، إذ تتنافس شبكات دولية على المغرب باعتباره نقطة عبور رئيسية، من أهمها الشبكات الروسية.
وأكد مكتب الأمم المتحدة في تقرير المخدرات العالمي ل 2020، أنه رغم جائحة كورونا، مازال تهريب المخدرات منتشرا على نطاق واسع، مشيرا إلى أن أمريكا الجنوبية تشكل أكبر منطقة لتهريب الكوكايين في العالم، بعد الولايات المتحدة، فيما تشكل أوروبا الغربية والوسطى ثاني أكبر سوق للكوكايين في العالم.
وضبطت أكبر كميات الكوكايين بشكل رئيسي في المغرب، ويشير التقرير نفسه إلى أن الكميات المضبوطة في البلدان الإفريقية في 2019 وصلت إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بأكثر من 20 طنا في جميع أنحاء المنطقة، مستشهدا بتجربة المغرب في حجز كميات كبيرة، ففي فبراير 2019 ، تم العثور على 9.5 أطنان من الكوكايين على متن قارب روسي، يعتقد أنه كان سيمر عبر المغرب ويتجه إلى البرتغال. كما حجز المغرب ثلاثة أطنان من الكوكايين قرب شاطئ سيدي رحال خلال، في عملية ضبط واحدة.
وأكد التقرير نفسه ارتفاع استهلاك الأفيون في غرب وشمال إفريقيا، موضحا أن المغرب أبلغ عن أكبر حجوزات إكستاسي في أفريقيا في 2018، وأنه أصبح منطقة مفضلة لإنتاج وتصدير القنب الهندي، إذ تم حجز أكبر كميات منه في العالم في الولايات المتحدة، تليها المكسيك وباراغواي وكولومبيا ونيجيريا والمغرب والبرازيل، والهند ومصر، مشيرا إلى أن معظم القنب المغربي الأصل يوجه إلى أوروبا، ويتم شحنه بشكل أساسي إلى إسبانيا.