أعاد احتجاز الحرس الثوري الإيراني، لناقلة نفط كورية جنوبية إلى الاذهان حالة القرصنة في مياه الخليج وحرب الناقلات، التي شهدها الصيف الماضي، الأمر الذي اعتبرته الولايات المتحدة، بـ “محاولة واضحة لابتزاز المجتمع الدولي”.
من جانبه قالت وزيرة الخارجية الكورية الجنوبية، كانغ كيونغ-هوا، اليوم الثلاثاء إنها تبذل جهودا دبلوماسية لتأمين الإفراج عن الناقلة التي قامت إيران بالاستحواذ عليها، الاثنين، مشيرة إلى أنها تتواصل مع نظرائها الإيرانيين، وأن سيؤول تبحث حل الموضوع مع طهران.
وكانت السفينة الكورية التي انطلقت من ميناء الجبيل في المملكة العربية السعودية متوجهة إلى الإمارات العربية المتحدة، تقل 20 فردًا على متنها، من بينهم 5 من كوريا الجنوبية، و11 من ميانمار، واثنين من كل من إندونيسيا وفيتنام.
بيانات الأقمار الصناعية نشرها موقع (مارين ترافيك دوت كوم) بين أن الناقلة (ام تي هانكوك تشيمي) تم احتجازها قبالة مدينة بندر عباس بعد ظهر الاثنين من دون تفسير.
احتجاز الناقلة الكورية يأتي في وقت أعلنت فيه القوات الايرانية اجراء مناورات بحرية في الخليج، كما يتزامن مع حالة من التوتر وتبادل التهديدات بين واشنطن وطهران التي تتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لمصرع قائد فيلق القدس قاسم سليماني، كما يأتي مع إعلان إيران رفع نسبة تخصيب اليورانيوم.
صيف العام 2019 شهد تسخينا غير مسبوق في عمليات احتجاز السفن، إذ احتجزت طهران خلال شهر واحد باحتجاز 4 سفن نفطية، ففي يوم 14 يوليو 2019 تم احتجاز ناقلة النفط “رياح” التي ترفع علم بنما وعلى متنها أفراد يحملون الجنسية الهندية، وبعدها بأربعة أيام أي في 18 يوليو 2019 احتجزت ناقلة النفط البريطانية ستينا إمبيرو، وفي 20 يوليو 2019 أجبرت ناقلة النفط الجزائرية “مصدر” على دخول مياهها الإقليمية لتفتيشها. أما يوم 4 أغسطس 2019 إيران فاحتجزت السفينة “هيتا” العراقية في مياه الخليج العربي وعلى متنها 7 بحارة.
الحوادث الأربعة سبقها في 12 مايو/أيار 2019، استهداف 4 سفن تجارية بميناء الفجيرة في الإمارات، ولم يسفر الحادث عن سقوط ضحايا، وفي 13 حزيران 2019، تعرضت ناقلتان نفطيتان لهجوم في بحر عمان.
تلك الهجمات وغيرها، كتلك التي وصلت إلى البحر الأحمر، دفعت إلى الأذهان ضورة اتخاذ دول العالم موقفا موحدا ضد هذا النوع من الأنشطة العدوانية، للحفاظ على سلامة خطوط التجارة والشحن العالمية، وحماية الممر الاقتصادي العالمي الأهم، لاسيما أن عمليات القرصنة السابقة تزامنت في حينه مع شن طائرات مسيَّرة مزودة بمتفجرات هجمات ضد منشأتي نفط سعوديتين تتبعان لشركة آرامكو، وحينها أعلنت ميليشيات الحوثي، المدعومة من إيران، المسؤولية عن الهجمات.
حرب الناقلات والسفينة ستارك..
حرب الناقلات ليست جديدة على منطقة الخليج، بل بدأت في ثمانينيات القرن الماضي، خلال الحرب العراقية الإيرانية، حين هاجمت إيران والعراق الموانئ النفطية لكل منهما في الخليج وضربتا وأغرقتا 250 ناقلة نفط عملاقة، وذلك في خضم حرب بينهما استمرت ثماني سنوات وخلفت أكثر من مليون قتيل، وألحقت أضراراً بالغة باقتصاد البلدين.
خلال السنوات الأخيرة من إدارة الرئيس الأمريكي، رونالد ريجان. ومع تراجع حدة الحرب، قرر المرشد الإيراني آنذاك علي الخمينى، آنذاك، إغلاق الخليج العربي في وجه السفن المحملة بالنفط العراقي. وهددت إيران بأنها لن تترك طرق الملاحة آمنة في الخليج، إذا ما بقي الطريق إلى مينائها النفطي في جزيرة «خرج» مهدداً، وشهد ربيع عام 1984 مهاجمة السفن الكويتية والسعودية. ففي 13- 14 مايو من العام نفسه قصفت الناقلتان الكويتيتان (أم القصبة) و(بحرة)، وفي 16 مايو، قُصفت الناقلة السعودية (مفخرة ينبع) في ميناء «راس تنورة» السعودي. وبعدها طلب الكويتيون المساعدة من الغرب، وبالفعل أرسلت الولايات المتحدة أسطولاً إلى الخليج، وتم رفع العلم الأمريكي فوق الناقلات التجارية الكويتية.
وفي أيار/ مايو من العام 1987، استهدف صاروخ عراقي الفرقاطة الأمريكية «ستارك» ظناً منها أن الفرقاطة هي للجيش الإيراني، وقُتل عدد من طاقم السفينة وأصيب آخرون، ثم عمدت البحرية الأميركية لاستهداف عددا من منشآت إيران النفطية في المياه الخليجية.
القرن الافريقي ومضيق ملقا..
حوادث القرصنة البحرية المعاصرة بلغت ذروتها في العام 2010، حيث تم الإبلاغ عن 445 حادثًا، وكانت الممرات الاستراتيجية البحرية مثل مثل باب المندب، بالقرب من الصومال، أو مضيق ملقا قبالة الساحل الإندونيسي، أهدافًا للقراصنة الباحثين عن الأموال، وتم إحصاء احتجاز ما لا يقل عن 149 من أفراد الطاقم كرهائن في عام 2011، وقتل أكثر من 100 من القراصنة معظمهم على أيدي القوات البحرية مثل الحراس المسلحين، الذين يُنظر إليهم بشكل متزايد على أنهم ذوو أهمية مركزية لحماية السفن التجارية.
الموسوعة السياسية البحرية العالمية تصنف أربعة أشكال مختلفة من الإرهاب البحري، النوع الأول وتم خلالها شن هجمات إرهابية ضد أهداف برية. ومن الأمثلة على مثل هذا النوع من الهجمات، تفجيرات مومباي التي وقعت في 26 نوفمبر 2008 عندما نزل عشرة إرهابيين في زوارق سريعة قابلة للنفخ في الميناء ونفذوا سلسلة من 12 هجومًا منسقًا، أما النوع الثاني فيشمل استخدام السفن لدعم بناء قدرات الجماعات الإرهابية. على سبيل المثال، في 3 يناير 2002، اختطفت السفينة «كارين أ» في البحر الأحمر، فيما يشمل اختطاف السفن المبحرة وأخذ ركابها كرهائن من قبل الإرهابيين من أجل التفاوض وتحقيق أهدافهم السياسية.
النوع الرابع وربما الأكثر وضوحاً، ينطوي على هجمات ضد أهداف بحرية ذات قيمة عالية، والتي يمكن أن يدل تدميرها على محاولة لتحدي هيمنة القوى العظمى وهيمنتها ومن خلالها التصور الغربي للحياة. ومن الأمثلة على هذا النموذج بحسب الموسوعة السياسية البحرية وقوع حادثين قبالة اليمن في عامي 2000 و2002 على التوالي حيث تعرضت مدمرة الصواريخ الموجهة الأمريكية «كول» لهجوم انتحاري بزورق صغير محمل بالمتفجرات في ميناء عدن. أسفر الهجوم عن 17 قتيلاً و39 جريحًا، لكن إلى جانب العدد الكبير من القتلى، كانت هذه هي المرة الأولى التي يتعرض فيها رمز للقوة العسكرية الأمريكية لهذه الضربة غير المسبوقة في البحر من قبل مجموعة إرهابية.
وفي 6 أكتوبر 2002، ومرة أخرى قبالة اليمن، تعرضت ناقلة النفط الفرنسية «إم في ليمبيرج» لهجوم أسفر عن مقتل فرد واحد فقط من أفراد الطاقم، إلا أن الهجوم أسفر عن كارثة بيئية هائلة حيث تسرب ما يقرب من 100 ألف طن من النفط الخام إلى خليج عدن. وأعلن تنظيم «القاعدة» مسؤوليته عن الهجومين المذكورين أعلاه.
وفي 27 يوليو 2010، وقع هجوم على ناقلة النفط «إم في ستار» بطريقة مماثلة لهجم «كول» نفذه زورق سريع يقوده مهاجم انتحاري في مضيق هرمز، ما أدى إلى إصابة أحد أفراد الطاقم. وقد تبنت جماعة تابعة لتنظيم «القاعدة»، كتائب عبد الله عزام، مسؤولية الحادث.
قوارب الحوثي المفخخة
ميليشيات الحوثي دخلت على خط التوتر البحري في البحر الأحمر منذا العام 2018 ومازالت مستمرة حتى اليوم، إذ عمدت إلى إلقاء الألغام البحرية في محاولة لاستهداف ناقلات النفط والسفن التجارية القادمة أو المغادرة للموانئ السعودية على البحر الأحمر، حيث قامت بتطوير نوعين من الألغام البحرية، الأول يزن 42 جراما، وهو لغم اعتراضي وموّجه طوّره خبراء إيرانيون، فيما الثاني، يعد من الألغام بدائية الصنع، لكنه خطورته تظل قائمة طيلة 10 أعوام في حال لم يتم تفجيره.
وخلال العام الجاري، قام التحالف العربي بإزالة وتدمير 165 لغما بحريا، قامت المليشيا الحوثية بإلقائها لتهديد ممرات الملاحة البحرية والتجارة العالمية.
ميناء الحديدة اليمني إلى منطلق للزوارق البحرية المفخخ، من بينها 3 زوارق مفخخة خلال شهري أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين، فيما تم أواخر شهر تشرين الثاني/نوفمبر استهداف سفينة تجارية ترفع العلم اليوناني وتتبع شركة “تي.إم.إس تانكرز” للشحن، تتخذ من أثينا مقرا لها، ما أسفر عن أضرار طفيفة بها.