بعد أشهر من السجال والتوقعات، يعلنها التيار الوطني الحر صراحةً، بفشل التحالف مع حزب الله بعد نحو 15 عاماً من توقيع مذكرة مارمخايل، بين زعيم التيار، “ميشال عون” والأمين العام للحزب، “حسن نصر الله”، عام 2006، والذي أسس لذلك التحالف.
يشير التيار الوطني في بيانٍ لها، إلى أن تفاهمه مع حزب الله فيما يتعلق بمشروع بناء الدولة، على حد وصفه، قد فشل، معتبراً أنّ الذكرى السنوية للتوقيع، والتي صادفت 6 شباط الجاري، مناسبة للتمعن في هذا التفاهم.
يذكر أن العام 2020 شهد تصريحات علانية من قبل مسؤولين في التيار الوطني الحر، طالبوا خلالها حزب الله بتفضيل مصلحة لبنان على مصلحته الخاصة، وإعادة النظر في مسألة سلاحه.
مواقف متسلسلة بدأها باسيل
الموقف المعروض في البيان، وبحسب ما تشير إليه، نائب رئيس التيار الوطني الحر للشؤون السياسية، “مي خريش”، هو متابعة لسلسلة مواقف سابقة كشف عنها رئيس التيار، “جبران باسيل”، لافتةً إلى أن البيان وما عرضه من مواقف ليس بالجديد، وإنما هو تأكيد على مواقف التيار.
كما توضح “خريش” أن قيادة التيار سبق وأعلنت نجاح التفاهم مع حزب الله من ناحية، وفشله في نقاط أخرى أبرزها بند بناء الدولة ومحاربة الفساد، كاشفةً أنّه تم تشكيل لجنة مشتركة من الطرفين لإعادة مراجعة الاتفاق الحاصل، من أجل تقييم 15 سنة مضت، بحسب ما نقله موقع الحرة.
يذكر أن محللين سياسيين قد اعتبروا في وقت سابق، أن التحالف بين التيار الوطني الحر وحزب الله، كان العامل الأبرز في وصول زعيم التيار، “ميشال عون”، إلى منصب رئاسة الجمهورية، لا سيما وأن المنافسة كانت مشدة بينه وبين زعيم حزب القوات اللبنانية، “سمير جعجع”.
على الرغم من ما طرحه البيان من تساؤلات حول إمكانية انهيار التحالف بين الطرفين، تشدد “خريش” على أنّ التحالف مع حزب الله ثابت على الصعيد الاستراتيجي ولكن الاختلاف بينهما مرتبط بالشؤون اللبنانية الداخلية، لاسيما محاربة الفساد، مضيفة: “للأسف لا نجد من يقف معنا في مشاريع القوانين وفي تقديم الدعاوى القضائية”.
أما عن مصير التحالف مع حزب الله، تؤكد “خريش” أنه في السياسة، دائماً هناك ظروف تحكم التحالفات، مبينةً أنه بعد تشكيل اللجنة هناك مسودة سيتم التباحث بها، تجمع نقاط عدة منها محاربة الفساد، وعلى أساس ما يتم الوصول إليه سيتخذ الموقف.
وتضيف “خريش”: ” يجب أنّ نعرف ما الذي يمنع الحزب من عدم مساعدتنا في مشروع بناء الدولة ومكافحة الفساد، علماً أنّ بيئته متضررة من ذلك أيضاً”.
ما وراء الأكمة.. وخلافات ما بين الحكومات
الخلافات الأساسية بين حزب الله والتيار الوطني الحر يربطها المحلل السياسي، “ميشال بوصعب” بتباين الموقف من تكليف رئيس تيار المستقبل، “سعد الحريري” برئاسة الحكومة، مشيراً إلى “باسيل” يحمل حزب الله وحركة أمل بدعم وصول خصمه “الحريري” مرة جديدة إلى رئاسة الحكومة، وأنهما لم يدعماه بالشكل الكافي لتجنب ذلك التكليف.
ويلفت “بوصعب” إلى أن التحالف بين الجانبين، تجاوز الكثير من الألغام والصدامات، بينها سلاح حزب الله وموقف التيار من تدخلاته في سوريا، موضحاً: “التحالف لم يكن بالقوى الكافية لمواجهة تحدي ما بعد كارثة المرفأ ولا سياسات الإدارة الأمريكية السابقة تجاه لبنان، أو بمعنى أوضح تباين المصالح في هذه الظروف كان أقوى من التحالف، فحزب الله بحاجة إلى شخصية تقود الحكومة اللبنانية تكون قادرة على فك العزلة وإعادة المساعدت الدولية وبالتالي تخفيف الضغط عليه، وهو ما وجدته في شخص الحريري، في حين أن طموحات باسيل بوراثة عون في كرسي الرئاسة ومد النفوذ داخل الحكومة اللبنانية، يتطلب رئيس حكومة مثل حسان دياب”.
يشار إلى أن مطلع العام الماضي، شهد خلافات بين المرشح المحتمل للرئاسة في انتخابات 2023، ورئيس تيار المردة، “سليمان فرنجية”، وبين “باسيل”، حيث اتهم “فرنجية” كلا من “باسيل” و”عون” بمحاولة الهيمنة على المناصب المسيحية في حكومة “حسان دياب”، مهدداً حينها بالانسحاب من الائتلاف الحكومي.
أمام تعارض المصالح على الساحة الداخلية وملف الحكومة، يرى الباحث في الشؤون اللبنانية، “أحمد عيتاني” أن “باسيل” يرى بأنه قدم لحزب الله كل شيء لدرجة أنه وضع تحت قائمة عقوبات أمريكية بسبب علاقاته بالحزب، في حين لم يدعمه الأخير في مواجهة “الحريري” وإعادة تكليفه مجدداً، مشيراً إلى أن “باسيل” بات يعتبر نفسه خاسراً بالارتباط بحزب الله.
في السياق ذاته، يشير “عيتاني” إلى أن مراوغات الرئيس “عون” وعرقلته لتشكيل الحكومة الجديدة ومحاولته لمد عمر حكومة “دياب”، تؤكد أن أساس الفجوة الكبيرة بين الحزب والتيار، هو الحكومة وشخص “الحريري”، خاصةً وأن التيار لن يحظى داخل حكومة “الحريري” بربع نفوذه داخل حكومة “دياب”، معتبراً أن إعلان انهيار التحالف سيكون بمجرد إعلان الحكومة الجديدة برئاسة الحريري.
يذكر أن عضو المجلس السياسي في التيار الوطني الحر، “وليد الأشقر”، قد اتهم حزب الله، في وقت سابق، بعدم دعم حليفه التيار في الدعاوى المقدمة بخصوص ملفات فساد، ومشاريع قوانين في أدراج المجلس النيابي بسبب رفض نواب الحزب الموافقة عليها، شاكياً من الأداء السياسي للثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل.
كما سبق لنائب رئيس تيار المستقبل اللبناني، “مصطفى علوش”، أن اعتبر يأن أزمة تأخير تشكيل الحكومة مرتبطة بقرار رئيس الجمهورية، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري يعلم أنه سيتلقى صدمة جراء ما ينتظره من تحديات في الفترة المقبلة.