مع مرور يومين على زيارة وفد حزب الله إلى روسيا، تتزايد التكهنات حول أغراض تلك الزيارة، لا سيما مع امتداد تلك التحليلات إلى مسألة وجود الحزب دخل الأراضي السورية، خاصةً في ظل إصرار المجتمع الدولي على تسوية للحرب في سوريا تطيح بنظام “بشار الأسد” وتقود إلى انتقالٍ سياسيٍ.
يشار إلى أن الخارجية الروسية، قد أكدت في بيانٍ لها أن الاجتماع بين الجانبين تناول مناقشة الحل في سوريا وقرار مجلس الأمن الدولي 2254 المتعلق بالقضية السورية وتسوية الأوضاع فيها.
محظورات تفرضها الضرورات
تعليقاً على الزيارة، يعتبر المحلل السياسي، “عمار سراقبي” أن التطورات على الأرض السورية وما رافقها من تطورات إقليمية ودولية، دفعت الحزب إلى تعديل الكثير من سياساته في سوريا، خاصة فيما يتعلق بانسحاب عناصره منها، مضيفاً: “قبل سنوات قليلة كانت مسألة الانسحاب من سوريا ضمن المحظورات التي يفرضها الحزب، ولكن سوء الأوضاع الداخلية اللبنانية والتضييق على النظام الإيراني مالياً وسياسياً وتسلم روسيا لقيادة العمليات العسكرية في سوريا، مثلت عوامل أجبرت الحزب على التفكير في اتخاذ خطوة إلى الوراء، وربما تتمثل بالانسحاب من سوريا أو على الأقل تخفيض عدد عناصره هناك”.
وعلى الرغم من تعنته فيما يتعلق بقضية دعم النظام السوري، يتجه الحزب، وفقاً “لسراقبي” إلى الاقتناع بان لا مستقبل له في سوريا، وأن بقاءه قد يعني المزيد من الضعف في قوته العسكرية، لا سيما مع تواصل الغارات الإسرائيلية على قواعد في سوريا، معتبراً أن ضعف قوة الحزب واستمراره في القتال داخل سوريا قد ينعكس سلباً على قوته ومكانته في لبنان، الذي يشهد بدوره تصاعداً في الحركات الاحتجاجية، التي تحمل الحزب مسؤولية ما تتعرض له البلاد من أزمات سياسية واقتصادية.
يشار إلى أن وسائل إعلام تابعة للنظام السوري، قد أعلنت قبل ساعات قليلة، عن شن الطيران الحربي الإسرائيلي، غارات جوية استهدفت مواقعاً في المنطقة الجنوبية من سوريا.
كما سبق لرئيس الحكومة الإسرائيلية، “بنيامين نتنياهو” أن هدد في وقتٍ سابق، بالاستمرار باستهداف القواعد التي تنتشر فيها قوات تابعة لحزب الله والميليشيات الإيرانية في سوريا.
في ذات السياق، يستبعد المحلل السياسي، “براء منصور” أن يكون الحزب قد وصل إلى مرحلة القناعة التامة بالانسحاب من سوريا، على اعتبار أن المسألة ترتبط أولاً بالقرار الإيراني، الذي يرفض تقليل نفوذه في البلاد، مشيراً إلى أن الحزب يحاول اللعب على وتر الوقت وعقد تسويات مع الجانب الروسي ليس فقط فيما يتعلق في سوريا وإنما بلبنان أيضاً.
وأياً كانت الملفات التي تم مناقشاتها، وبغض النظر عن تناولها لقضية انسحاب الحزب، يرى “منصور” أن زيارة الحزب، الأولى من نوعها لروسيا، تعتبر مؤشراً على حقيقة أن روسيا أصبحت صاحبة الكلمة العليا في القضية السورية، وتحديداً من جهت المعسكر الداعم للنظام، كما أنه يمكن اعتبارها دليل تباعد إيراني – روسيا في الملف السوري، وهو ما دفع إيران إلى منح الحزب الضوء الأخضر لزيارة روسيا والتباحث مع الروس بشكل مباشر.
يشار إلى أن روسيا أعلنت صيف العام 2015، عن تدخلها العسكري المباشر إلى جانب النظام السوري، ما مكنه من استعادة السيطرة على معظم مناطق البلاد، بعد أن فقد السيطرة على أكثر من 75 بالمئة من مساحة سوريا بين عامي 2012 و 2015، على الرغم من الدعم العسكري الإيراني ودخول مقاتلي حزب الله على خط المواجهة ضد قوات المعارضة السورية.
البحث عن تسويات
ضمن تحليله للوضع الداخلي للحزب، يقول المحلل السياسي، “ميشال بوصعب”: “الملف السوري واللبناني لا يمكن فصلهما عن بعضهما، خاصة في ظل تبعية الحزب لإيران، وهنا يمكن القول بأن الحزب عملياً ذهب إلى موسكو لعقد تسويات تتجاوز مسألة الانسحاب من سوريا، خاصةً وانه يعيش أصعب مراحله بسبب حالة التضييق الدولي عليه بعد إدارجه على قوائم الإرهاب في عدة دول، وملاحقة أنصاره على المستوى الدولي، وتحديداً في أوروبا”، مشيراً إلى أن الحزب يسعى لأن يحول روسيا إلى شريان حياة له ومتنفساً يمكنه من مساعدة نفسه على التمويل خاصةً وانه يعتمد على المنافذ الحدودية غير الشرعية مع سوريا، والتي يستخدمها في تهريب المخدرات والأسلحة.
كما يشير “بوصعب” إلى وجود مخاوف لدى حزب الله من إقدام روسيا على إغلاق المنافذ الحدودية غير الشرعية من الجانب السوري، ما يعني خنق حقيقي للحزب، مضيفاً: “روسيا تبحث عن دعم دولي لملف إعادة إعمار سوريا، وبالتالي قد ترضح لمطلبات دولية بإغلاق تلك المعابر من الجانب السوري، كواحدٍ من شروط الموافقة على الانخراط في عملية إعادة الإعمار، وفي هذه الحالة يكون الحزب قد فقد شريانه الأساسي”.