يعاني الشعب العراقي من الكوارث التي ازدادت قبل الانتخابات البرلمانية، فبعد حوادث الحرائق وتفجير أبراج الكهرباء وانقطاع الكهرباء، بات الجفاف يشكل خطراً حقيقياً، إذ تراجع منسوب المياه، بعد قطع إيران لعدد من الروافد التي تغذي نهر دجلة والأهوار بالمياه.
صناعة “الأزمات” التي تنعكس على حياة المواطن العراقي تربط بإيران بشكل مباشر، اذ ارتفعت الأصوات بعد الحملة الاخيرة التي أطلقها نشطاء عراقيون على مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بطرد السفير الإيراني من بغداد، لعدم استجابته بشأن إمدادات الغاز، ومياه الأنهار.
كارثة جديدة..
وتفاعل آلاف العراقيين مع هاشتاغ “طرد السفير الإيراني”، ونشروا صوراً للمناطق المتضررة من انعدام المياه، ومقاطع مرئية لنفوق الحيوانات في بعض مدن البلاد، فضلاً عن هلاك آلاف الدونمات من المزروعات وتأثرها سريعاً بانقطاع المياه.
في المقابل، أعلن وزير الموارد المائية العراقي “مهدي رشيد الحمداني” رسمياً، أن إيران قطعت المياه عنه بشكل تام، والإطلاقات المائية من إيران بلغت الصفر”، مشيراً إلى أنه “اتخذ حلول لتخفيف ضرر شح المياه في محافظة ديالى شرقي العراق”.
وأرسلت وزارة الموارد العراقية مذكرة للجانب الإيراني، تطالبه بالالتزام بالبروتوكولات والاتفاقيات التي بين البلدين بشأن المياه المشتركة، ملوحة باللجوء إلى المجتمع الدولي في حال استمر الوضع للضغط على إيران، مؤكدا أن “الأزمة ستتفاقم في محافظة ديالى إذا استمرت إيران بقطع المياه عن أنهر سيروان والكارون والكرخ”، معربا عن أمل بلاده أن “تتعاون معها إيران في تقاسم الضرر جراء شح المياه أسوة بالجانب التركي الذي تقاسم أضرار أزمة المياه مع العراق”.
يشار إلى أن الرئيس العراقي “برههم صالح” أكد في تقرير عن التغيّر المناخي، تضرّر سبعة ملايين عراقي من نحو 40 مليوناً، بينما حذرت “الأمم المتحدة”، من استفحال مشكلة التصحر في العراق وزحف الكثبان الرملية، وأن السنوات المقبلة قد تشهد زيادة في نسبة دخول الرمال إلى شوارع المدن.
وتقدر الإحصاءات التي نشرتها “الأمم المتحدة” أن “العراق يفقد نحو 100 ألف دونم من الأراضي الصالحة للزراعة سنوياً، نتيجة التغير المناخي الذي حدث عالمياً والعراق ضمنه، وكذلك بسبب الاستخدام الجائر للتربة جرّاء الزراعة المتكررة ونظام الري الذي تسبب بتملح التربة”.
مسلسل أبراج الطاقة..
إلى جانب ذلك، تزامنت أزمة المياه مع انخفاض إمدادات الغاز الإيراني إلى نصف معدلاته، بسبب عدم قدرة العراق على تسديد المستحقات المالية، إثر العقوبات الأميركية المفروضة على طهران، وهو ما انعكس سلباً على واقع الطاقة في البلاد، وصولاً إلى الانهيار التام مطلع الشهر الجاري، عندما توقفت محطات البلاد بشكل تام عن العمل في وقت واحد.
وأكدت لجنة الطاقة في البرلمان العراقي، أن ما يصل من الغاز الإيراني الآن هو نصف المتعاقد عليه، اذ يعتمد العراق على الغاز المستورد من إيران في تشغيل محطات توليد الكهرباء في جنوب البلاد وفي حال توقف إيران عن إمداد العراق بالغاز فإن العجز في الكهرباء في البلاد قد تتجاوز نسبة الثلث.
الغاز الإيراني يصل إلى العراق عبر خطي أنابيب يصلان إلى 4 محطات لتوليد الكهرباء في البصرة والسماوة والناصرية وديالى وقد تراجع إنتاج هذه المحطات بشدة مما يشير لتوقف إمدادات الغاز الإيراني، كما يقدر مركز إدارة معلومات الطاقة الأميركي أن 23 بالمئة من الكهرباء التي أنتجها العراق كان بإمدادات الغاز القادمة من إيران خلال عام 2019 بينما استورد نحو 5 في المئة من حاجته من الكهرباء من إيران في ذلك العام.
ويستمر مسلسل استهداف محطات الكهرباء من قبل مجموعات مجهولة، اذ استهدف يوم الثلاثاء الفائت، برجين لنقل الطاقة الكهربائية من إيران والمعروف بخط ديالى مرساد، الامر الذي أسفر عن سقوط البرجين 177 و179 في ناحية حمرين بمحافظة ديالى المحاذية لإيران.
يذكر أن شرطة حماية الطاقة في العراق، نشرت يوم الأحد تقريرا يظهر حصيلة الاستهدافات التي تعرضت لها أبراج الطاقة الكهربائية في البلاد خلال نصف عام، وبلغ عدد الأبراج التي تعرضت إلى التخريب من 1 يناير حتى 10 يوليو 2021، بلغت 106 أبراج، كما وصل مجموع الخطوط التي تعرضت للتخريب، وهي 54 خطا ضمن 50 عملية استهداف.
كوارث الحرائق..
وتحولت دعوات العراقيين، بشأن المياه والطاقة، إلى مناسبة للتذكير بـ”جرائم” إيران وإنشاء ميليشيات مسلحة موازية بالإضافة إلى تعزيز بيئة الفساد، عبر وكلائها في حرب تصب في خانة إفشال حكومة الكاظمي، بينما يشير مراقبون إلى أن الكوارث في العراق تقف ورائها المليشيات وإيران، بعد اعلان وزارة الصحة العراقية أمس الأربعاء، أن “عدد ضحايا حريق مركز عزل مصابي فيروس كورونا، بمستشفى في محافظة ذي قار جنوبي البلاد، بلغ ٩٢ شخصا”.
كما شكك النائب في البرلمان العراقي “هوشيار عبدالله” في تغريدة نشرها، يوم أمس، بأن فاجعة حريق مستشفى الإمام الحسين في الناصرية مجرد حادث عرضي، مطالباً بتحقيق العدالة وإنزال القصاص بكل من يثبت أنه تسبب في هذه الكارثة.
بدوره، يقول الكاتب “عبد الأمير المجر”: “سبق وأن حذرنا أن مرحلة ما قبل الانتخابات ستشهد فواجع كثيرة، كون أن هناك قوى سياسية تدرك أنها ستخسر الانتخابات القادمة، حيث لديها غرفة عمليات تعمل على إرباك الوضع في العراق بشكل كبير، من خلال حرق المستشفيات وتدمير أبراج الطاقة الكهربائية، لكي تُظهر أن حكومة الكاظمي فاشلة”، موضحاً أن “هناك مشروع يتبلور داخل الدولة العراقية، يتمثل بإبعاد العراق عن سياسة المحاور وعن التجاذبات الإقليمية والدولية، وهناك متضررون من هذه السياسة يعملون الأهوال، من أجل خلق واقع سياسي واجتماعي متفجر ينسبونه إلى الحكومة الحالية”.
الصدر يتملص..
وتتدخل إيران بشكل كبير في العراق حيث تحرض ميليشياتها على استهداف القواعد والمصالح الأميركية بينما تسعى الحكومة العراقية إلى التخفيف من وطأة التدخل الإيراني، وتطالب قوى سياسية عراقية على غرار التيار الصدري إلى حماية سيادة وحدود العراق من التدخلات الأجنبية في إشارة الى التدخلات الإيرانية عبر أذرعها، قبل الانتخابات العراقية وارتباط الكوارث المتتالية بإيران وميليشياتها.
رجل الدين العراقي الشيعي “مقتدى الصدر” أعلن اليوم الخميس عدم مشاركته في الانتخابات العراقية المقبلة حفاظا على ما تبقى من البلاد وإنقاذا للوطن الذي أحرقه الفاسدون ولا زالوا يحرقونه”، محذر من أن يكون “مصير العراق كمصير سوريا أو أفغانستان أو غيرها من الدول التي وقعت ضحية السياسات الداخلية والإقليمية والدولية”،
ولفت “الصدر” الذي ترأس كلتة “سائرون” التي فازت بالانتخابات البرلمانية عام 2018 إلى أن “ما يحدث في العراق هو ضمن مخطط شيطاني دولي لإذلال الشعب وتركيعه وإحراقه خوفا من وصول عشاق الإصلاح الذين سيزيلون الفساد حبا في الوطن ولكننا لسنا ممن يركع لمثله”، مضيفا “نتمنى لهذه الانتخابات النجاح ووصول كل الصالحين وأن تبعد الفاسدين ولكن هيهات”.
يذكر أنه خلال العامين الأخيرين عمل التيار “الصدر” بهدوء على الهيمنة على أجهزة الدولة العراقية. فقد تولى أعضاؤه مناصب عليا في وزارات الداخلية والدفاع والاتصالات، وتم تعيين من وقع عليهم اختياره في مؤسسات النفط والكهرباء والنقل التابعة للدولة والبنوك المملوكة للدولة بل والبنك المركزي العراقي.
وأتاحت هذه المواقع الجديدة للتيار الصدري قوة مالية حيث ان الوزارات التي شغل الصدريون أو حلفاؤهم مناصب فيها في الآونة الأخيرة تمثل ما بين ثلث ونصف مشروع موازنة العراق لعام 2021 البالغ حجمه 90 مليار دولار، وربما يمثل هذا النفوذ المتنامي مشاكل للولايات المتحدة وإيران اللتين يتهمهما الصدر بالتدخل في شؤون العراق.
يشار إلى أن الحكومة العراقية حددت في وقت من هذا العام، تاريخ (10 أكتوبر 2021) موعداً لإجراء انتخابات مبكّرة، تحقيقاً لمطلب “انتفاضة تشرين”.