شكلت تجربة حزب العمل الشيوعي في سورية (١٩٧٦) واحدة من أهم التجارب اليسارية العربية في العصر الحديث، بحيث يمكن القول معها أن تجربة الحزب أو “الرابطة” كما تعرف في سورية تشكل مرآة؛ يمكن أن نقرأ فيها صعود هذا اليسار وهبوطه خلال القرن الماضي، باعتبار أن تجربة الحزب تشكل واحدة من أهم التجارب على صعيد المواجهة مع الاستبداد من جهة، والإسلام السياسي من جهة ثانية؛ والمؤسسة اليسارية الكلاسيكية التي كانت سائدة ومهيمنة آنذاك من جهة ثالثة، بحيث يمكن اعتبارها انشقاقاً عن المؤسسة الرسمية، واستكمالاً لمسارها العام بنفس الوقت من حيث انتمائها إلى ذات الجذر الفكري المعرفي المؤسس لليسار العربي والعالمي عموماً.
سنحاول في هذه الورقة، قراءة السياق الذي ولد فيه الحزب ومن ثم معرفة العوامل المؤثرة والمكوّنة التي أدت إلى ولادته؛ الذي أرّق السلطة السورية طيلة عقدين من الزمن، دون أن يشكل تهديداً حقيقياً لها بذات الوقت كما سنرى لاحقاً.