يتجه التعاون بين روسيا وتونس نحو تعميق متزايد، وذلك بالتزامن مع تصاعد التوترات بين الرئيس التونسي قيس سعيد وبعض الدول الأوروبية، بالإضافة إلى الولايات المتحدة، نتيجة للطريقة التي استحوذ بها على السلطة. من جانب روسيا، تعد تونس هدفاً مهماً لتعزيز نفوذ الكرملين في إفريقيا. ولهذا السبب، قامت موسكو بزيادة دعمها لتونس على الأصعدة الاقتصادية والعسكرية.
في تقرير نشرته صحيفة «ليسبريسو» الإيطالية، أشار الكاتب باولو ماستروليلي إلى أن متحدثًا باسم وزارة الخارجية الأمريكية أكد للصحيفة مخاوف الحكومة الإيطالية بشأن اختراق عسكري روسي في تونس. وأوضح التقرير أن هذا الاختراق يمثل جزءًا من المناورات الجيوسياسية التي يجريها الكرملين في ليبيا والجزائر ومنطقة الساحل، والتي تهدف إلى تعزيز نفوذه في المنطقة. وأضاف التقرير أن طائرات شوهدت تهبط في مطار جربة بتونس في الأيام الأخيرة، دون توضيح طبيعة هذا النشاط.
وأشار التقرير إلى أن روسيا لديها وجود قوي بالفعل في ليبيا، وشكلت تحالفًا مع الجزائر، واستبدلت دعمها العسكري للدول الإفريقية مثل النيجر وتشاد بالدعم الأمريكي، في حين انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو. وأكد التقرير أن إقامة وجود روسي في تونس سيكمل “اختراق” المنطقة بأسرها.
بالنسبة لإيطاليا، يشكل هذا الاختراق مشكلة مباشرة، حيث أن تونس قريبة من الساحل الإيطالي، ومن هناك تنطلق قوارب المهاجرين غير النظاميين إلى صقلية. بذلت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني جهودًا كبيرة لمنع هذا التحول، بعد أن زارت تونس أربع مرات ووقعت اتفاقيات مع الرئيس قيس سعيد.
في سياق متصل، وقعت تونس وروسيا مؤخرًا اتفاقية للتعاون في المجال الانتخابي، حيث شاركت تونس في مراقبة الانتخابات الرئاسية الروسية التي أجريت في مارس الماضي، ومن المتوقع أن تشارك بعثة روسية في مراقبة الانتخابات الرئاسية التونسية المقبلة. وفي الوقت ذاته، ظهرت مطالب داخل الأوساط السياسية التونسية للانضمام إلى التحالف الاقتصادي “بريكس” الذي يضم روسيا والصين وجنوب إفريقيا والبرازيل والهند.
أكد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، خلال زيارته لتونس في ديسمبر 2023، على أهمية تعزيز التعاون بين البلدين في مجالات متعددة مثل الغذاء والتعليم والتكنولوجيا الحديثة. كما أشار إلى استعداد روسيا لتسليم كميات إضافية من الحبوب إلى تونس لمواجهة احتياجاتها المتزايدة نتيجة الجفاف الشديد.
من الناحية الاقتصادية، يظل تحول تونس نحو روسيا خيارًا صعبًا في ظل الظروف الحالية. ومع ذلك، فإن روسيا تدرك أن تعزيز علاقتها مع تونس قد يتطلب وقتًا وجهودًا كبيرة. تعتمد العلاقات الخارجية لروسيا عادةً على التعاون الأمني والعسكري مع حلفائها أو على اتفاقيات صادرات النفط، وهو ما قد لا يتوافق مع الوضع التونسي الحالي.
بالإضافة إلى ذلك، يشكل التعامل مع روسيا تحديات إضافية، لا سيما في ظل العقوبات الأمريكية على مجموعة فاغنر الروسية والاتهامات الموجهة لروسيا بمحاولة تعزيز نفوذها في إفريقيا على حساب المصالح الأمريكية والفرنسية التقليدية. ومع ذلك، قد تلجأ روسيا إلى دعم الجزائر لتعزيز موقفها مع تونس، مما قد يشكل تحديًا إضافيًا للغرب.
وفي النهاية، يبقى التعاون الاقتصادي والأمني القوي بين تونس والولايات المتحدة وفرنسا عاملًا موازنًا لأي تقارب تونسي روسي قوي في المستقبل القريب.
جميع حقوق النشر محفوظة لصالح مركز أبحاث مينا.