يشهد المشهد السياسي الليبي انقسامًا حادًا بعد إعلان مجلس النواب إنهاء ولاية السلطة التنفيذية بقيادة عبد الحميد الدبيبة، وتعيين رئيس البرلمان عقيلة صالح كقائد أعلى للجيش. رحبت “الجيش الوطني الليبي” بهذه الخطوة، في حين أدانها كل من المجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة وحكومة الوحدة الوطنية.
أوضح المتحدث باسم مجلس النواب، عبد الله بليحق، أن “المجلس صوت بالإجماع على إنهاء ولاية السلطة التنفيذية التي جاءت خلال المرحلة الانتقالية، واعترف بحكومة أسامة حماد كالحكومة الشرعية حتى يتم اختيار حكومة موحدة.” وأضاف أن “القائد الأعلى للجيش هو رئيس مجلس النواب وفقًا للإعلان الدستوري وقرار المجلس.”
في جلسة رسمية، أكد عقيلة صالح أن “الحل الوحيد لإنهاء الصراع في البلاد هو توزيع الثروة بين الأقاليم”، مضيفًا: “يجب علينا تحمل مسؤوليتنا الوطنية والعمل على المصالحة وبناء سلطة محلية وإنهاء المركزية.” وأشار إلى أن “المرحلة الانتقالية التي جاءت بالمجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة انتهت بانتهاء مدتها، ولم تحقق السلطة التنفيذية أيًا مما نص عليه اتفاق جنيف.”
من جهة أخرى، نشب خلاف في انتخابات رئاسة المجلس الأعلى للدولة بين رئيسه الحالي محمد تكالة ومنافسه خالد المشري حول ورقة اقتراع متنازع عليها. وحصل تكالة على 68 صوتًا، بينما نال المشري 69 صوتًا، مما دفع تكالة للإعلان عن نيته اللجوء للقضاء. وأعلنت اللجنة القانونية للمجلس فوز المشري، الذي بدأ عمله في طرابلس. واعتبر المشري أن “السلطة التنفيذية هي المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية، والقائد الأعلى للجيش هو المجلس الرئاسي وفق اتفاق جنيف.”
من جانبها، رحبت “الجيش الوطني الليبي” بقرار مجلس النواب، معتبرةً أن “الصلاحيات تعود لمجلس النواب، الجهة الشرعية الوحيدة المنتخبة من الشعب الليبي.” وأكدت على “ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لتحقيق الاستقرار.”
رغم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في 2020 وتشكيل المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية في العام التالي، قد يؤدي قرار مجلس النواب الجديد إلى تعميق الانقسامات واحتمال نشوب صراع جديد. وحذر المجلس الأعلى للدولة من تحركات عسكرية للجيش الوطني في الجنوب الغربي، متهمًا إياه بالسعي لتوسيع سيطرته، مما يهدد اتفاق وقف إطلاق النار.
يرى المراقبون أن قرارات مجلس النواب تهدف إلى الضغط لإجراء الانتخابات سريعًا وإجبار الدبيبة على التحرك نحوها، في ظل تدهور الأوضاع المعيشية. في المقابل، حذر موسى الكوني، عضو المجلس الرئاسي، من خطر تقسيم ليبيا واندلاع حرب جديدة، محملًا الأطراف السياسية والعسكرية مسؤولية الفشل في إدارة الأزمة.
من جانبها، عبرت بعثة الأمم المتحدة عن قلقها من الإجراءات الأحادية التي تقوم بها الأطراف الليبية في الشرق والغرب والجنوب، مؤكدة أن هذه الخطوات تزيد التوتر وتقوض الثقة وتعمق الانقسامات، ودعت إلى الحوار والتوافق لتحقيق الاستقرار.
جميع حقوق النشر محفوظة لصالح مركز أبحاث مينا.