في تقرير نشرته رويترز، ذكرت مصادر أمنية ومحللون، أن القوات الإسرائيلية أزالت الألغام الأرضية وأقامت حواجز جديدة على الحدود بين مرتفعات الجولان المحتلة وشريط المنطقة منزوعة السلاح على الحدود مع سوريا، مما يشير إلى أن إسرائيل قد توسع عملياتها البرية ضد حزب الله مع تعزيز دفاعاتها. وأوضحت المصادر لرويترز أن هذه الخطوة توحي بأن إسرائيل قد تستهدف لأول مرة حزب الله من ناحية الشرق على الحدود اللبنانية، بينما تعمل على إنشاء منطقة آمنة تسمح بمراقبة عسكرية حرّة لتحركات الحزب وتمنع التسلل.
وبحسب التقرير، فقد كشفت مصادر أن إسرائيل تقوم بنقل سياج الفصل بين المنطقة منزوعة السلاح باتجاه الجانب السوري وتقوم بأعمال حفر لإقامة مزيد من التحصينات في المنطقة. ومن بين هذه المصادر كان جندي سوري متمركز في جنوب سوريا، ومسؤول أمني لبناني، ومسؤول من قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة.
ويرى المحللون أن القيام بعمل عسكري، بما في ذلك الضربات من الجولان المحتل وربما من المنطقة المنزوعة السلاح التي تفصلها عن الأراضي السورية، قد يؤدي إلى توسيع نطاق الصراع بين إسرائيل وحزب الله وحليفه حماس. إذ أن الصراع قد جذب إيران بالفعل ويخاطر بإدخال الولايات المتحدة إلى المعركة. الجدير بالذكر أنه حصل تبادل إطلاق النار مع حزب الله، المدعوم من طهران، منذ أن بدأ الحزب بإطلاق الصواريخ عبر الحدود اللبنانية دعماً لحماس عقب هجومها على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، الذي أشعل الحرب الجارية في غزة. ألحقه الغارات الجوية الإسرائيلية التي ألحقت أضراراً كبيرة بحزب الله والضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله. يواجه الحزب حالياً هجوماً برياً من الجنوب وقصفاً إسرائيلياً من البحر المتوسط من الغرب، ومن خلال توسيع جبهتها نحو الشرق، يمكن لإسرائيل تشديد قبضتها على مسارات إمدادات الأسلحة لحزب الله، التي تمر بعض منها عبر سوريا وحليفتها إيران.
كما أفادت وسائل إعلام بأن القوات الإسرائيلية تجري أعمال هندسية منذ الأسبوع الماضي، بحضور دبابات وقوات برية، على طول الحدود مع سوريا، مقابل مرتفعات الجولان، داخل الأراضي السورية، وفقاً لتقارير إعلامية من المعارضة السورية. ونفت القوات الإسرائيلية وجود قوات لها في الجانب السوري من الحدود. ووفقاً لمعلومات أقرتها الرقابة العسكرية الإسرائيلية، أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن القوات الإسرائيلية بدأت بفتح مسارات على طول الحدود في منطقة الشريط العازل التي تسيطر عليها قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جنوب سوريا، “الأندوف”، يوم الخميس. وبدأت هذه الأعمال في 22 سبتمبر بإزالة الألغام الأرضية. وبعد أيام، تقدمت لواء تابع للجيش الإسرائيلي، مدعوم بالدبابات والمعدات الثقيلة، مسافة 300 متر داخل الأراضي السورية. وشملت الأعمال تعبيد طريق جديد، وحفر خنادق، وإقامة تحصينات ونقاط مراقبة جديدة قرب الحدود.
تتواجد القوات الإسرائيلية في منطقة حرش الشحار قرب بلدة جباتا الخشب شمال القنيطرة، حيث بدأت آليات ثقيلة بحفر خندق بعرض أربعة أمتار يمتد من بلدة حضر حتى “الخط الأزرق” الذي حددته الأمم المتحدة، مروراً ببلدة جباتا الخشب. تهدف هذه التحركات إلى تسهيل العمليات البرية الإسرائيلية المستقبلية داخل الأراضي السورية على طول الحدود إذا لزم الأمر، كما تهدف لمواجهة خطط الميليشيات المدعومة من إيران والمتمركزة في سوريا، في حال أرادت تنفيذ غزو بري مماثل للهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر على الجانب الخاضع لسيطرة إسرائيل من الجولان.
في الوقت نفسه، قصفت المدفعية الثقيلة المتمركزة في حقل كونيكو بريف دير الزور مواقع ميليشيات تابعة لإيران في قرية الجفرة قرب مطار دير الزور العسكري في شرق سوريا. كما قصف الجيش الأميركي أطراف بلدتي خشام وحويجة صكر بريف دير الزور الشرقي، حيث استمر القصف الأميركي لنقاط ومعابر تستخدمها الفصائل المدعومة من إيران، لمنع حركة قواتها ووقف تدفق الأسلحة والصواريخ إليها. وبالتزامن مع ذلك، جرت تدريبات بالذخيرة الحية في قاعدة الشدادي جنوب الحسكة، شاركت فيها مروحيات أباتشي التي استمرت في التحليق فوق المنطقة.
دخلت مناطق خفض التصعيد في شمال غرب سوريا، المعروفة بـ “منطقة بوتين-أردوغان”، مرحلة غير مسبوقة من التصعيد مع هجمات وتعزيزات عسكرية من أطراف متعددة. حيث تعرضت قاعدتان تركيتان قرب أعزاز وفي قرية دابق شمال حلب للقصف من قبل قوات “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) والجيش السوري في شمال حلب. وتزامن ذلك مع غارات جوية روسية مكثفة في إدلب وحول تلال كبانة في ريف اللاذقية الشمالي، وسط أنباء عن استعداد هيئة تحرير الشام لشن عملية عسكرية واسعة ضد القوات السورية في حلب وإدلب. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الطائرات الحربية الروسية نفذت عدة غارات جوية ضمن منطقة “بوتين-أردوغان”، التي تشمل شمال اللاذقية، وريف حماة الغربي، وكذلك حلب وإدلب.
وفي الوقت ذاته، يستمر القصف المتبادل بين القوات السورية وهيئة تحرير الشام، مع تعزيزات عسكرية مكثفة من الجانبين، وسط استعدادات الهيئة لعملية عسكرية في حلب تعارضها تركيا بشدة، بسبب مخاوفها من تأثيرها على الوضع الإنساني في إدلب، التي تضم حوالي 4 ملايين نازح وعدداً كبيراً من المخيمات. وقد هددت تركيا هيئة تحرير الشام بإغلاق معبر باب الهوى، شريان الحياة لإدلب وشمال غرب سوريا، ومنع دخول أي إمدادات إليه. وفي ظل هذه التطورات، أرسل الجيش التركي تعزيزات عسكرية جديدة إلى نقاطه في جبل الزاوية جنوب إدلب، على شكل قافلة تضم 15 شاحنة مغلقة محملة بمواد لوجستية وعسكرية، بالإضافة إلى أكثر من 10 عربات مدرعة وناقلات جند. وقد أرسلت تركيا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية أكثر من 190 آلية عسكرية إلى نقاطها في إدلب، وإلى مواقع تمركز قواتها في مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” في حلب. كما أرسلت أنظمة رادار متقدمة وفعلت أجهزة تشويش على الطائرات في إدلب.
يقوم الجانبان أيضاً بدوريات مشتركة في عين العرب (كوباني)، إضافة إلى دوريات على خطوط التماس بين القوات التركية والجيش الوطني السوري المتحالف مع أنقرة في شمال شرق سوريا، وذلك بموجب اتفاق تركي-روسي وُقّع في 22 أكتوبر 2019، عقب عملية “نبع السلام” العسكرية التي شنّتها تركيا ضد قسد شرق الفرات. وامتنعت تركيا مؤخراً عن المشاركة في الدوريات المشتركة في شمال شرق سوريا، متهمة موسكو وواشنطن، اللتين وقعتا اتفاقاً مماثلاً مع أنقرة في 2019، بعدم الوفاء بالتزاماتهما لإبعاد وحدات حماية الشعب الكردية، المكون الرئيسي لقسد، عن حدودها الجنوبية لمسافة 30 كيلومتراً.