بلغت الأوضاع في السودان مرحلة حرجة مع استمرار المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، التي لم تقتصر على دارفور والمناطق النائية، بل امتدت إلى قلب العاصمة الخرطوم. إلا أن التطور المفاجئ جاء مع تصريحات جديدة لحميدتي بشأن إنهاء الحرب، فما الذي قاله؟ وما هو مستقبل النزاع؟
في خطاب مسجل بثته وسائل الإعلام، أعلن حميدتي موقفًا حاسمًا، مؤكدًا أن قواته لن تغادر الخرطوم أو القصر الجمهوري. وقال: “المرحلة القادمة ستكون مختلفة، والمعركة ستكون في كل مكان.” كما شدد على أن قواته باقية في الخرطوم لأن الحرب دخلت “مرحلة جديدة”، محذرًا من محاولات لفصل دارفور عن السودان، على غرار ما حدث مع جنوب السودان.
على الجانب الآخر، أطلق قائد الجيش السوداني، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، تصريحات صارمة خلال خطاب له بولاية نهر النيل، حيث أكد أنه لا مفاوضات مع قوات الدعم السريع إلا بعد تسليم أسلحتهم ومحاسبة عناصرهم. وأوضح أن أي حوار لن يتم إلا بعد تجميع قوات الدعم السريع في مواقع محددة ونزع سلاحها بالكامل.
لم تقتصر المعارك على الخرطوم وحدها، بل امتدت إلى إقليم دارفور، حيث يسعى الجيش السوداني لاستعادة السيطرة على عدة مدن، ولا سيما الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور. وأعلن الجيش عن تحقيق تقدم ميداني في الفاشر، حيث نجح في نصب كمين على المحور الشرقي للمدينة، ما أسفر عن مقتل نحو 30 عنصرًا من قوات الدعم السريع كانوا يستعدون لشن هجوم على القوات المسلحة.
كما شن الجيش السوداني غارات جوية دقيقة استهدفت مواقع الدعم السريع في نيالا، والتي تُعدّ إحدى أهم قواعدهم العسكرية. وأسفرت هذه الغارات عن خسائر كبيرة في الأرواح والمعدات لدى الدعم السريع، مما عزز من موقف الجيش في الفاشر وساهم في إحكام السيطرة على مناطق استراتيجية.
في هذه المواجهات، لا يخوض الجيش السوداني القتال منفردًا، بل يتم بتنسيق وثيق بين القوات المسلحة، والشرطة، وجهاز المخابرات، والقوات الخاصة. وتعمل هذه الجهات بشكل متكامل في عمليات تمشيط ومداهمات مفاجئة لمواقع الدعم السريع على مختلف الجبهات، مما أدى إلى تعزيز موقع الجيش في الميدان.
في المقابل، أطلق نائب قائد قوات الدعم السريع، عبد الرحيم دقلو، تصريحات تصعيدية، حيث هدد بتحرير مناطق استراتيجية مثل بورتسودان، وكسلا، والولايات الشمالية، زاعمًا أن هذه المناطق “تحت سيطرتهم”. كما أعلن عن استعداد قواته لطباعة العملة وجوازات السفر، دون الكشف عن مزيد من التفاصيل حول خططهم المستقبلية.
والمثير في تصريحاته تأكيده أن المناطق الخاضعة لسيطرة قوات الدعم السريع ستكون محمية بالكامل من الغارات الجوية، مما يعكس تصاعد التوتر بين الجانبين في ظل تعقيد المشهد العسكري والسياسي.
يتساءل الجميع في السودان: “ما هي الخطوة التالية؟” فمنذ اندلاع القتال في أبريل 2023، لم تبرز أي مؤشرات واضحة على نهاية قريبة للصراع. بل على العكس، كل الدلائل تشير إلى مرحلة طويلة من المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ففي الوقت الذي يصرّ فيه حميدتي على عدم التخلي عن الخرطوم والقصر الجمهوري، يتمسك البرهان بموقفه الرافض لأي مفاوضات قبل نزع سلاح قوات الدعم السريع ومحاسبة عناصرها. وفي ظل استمرار تقدم الجيش السوداني في دارفور، يبدو أن الصراع يتجه نحو مرحلة جديدة، قد تحمل المزيد من التعقيدات والتصعيد العسكري، ما يجعل فرص التوصل إلى اتفاق سلام حقيقي أكثر صعوبة في المستقبل القريب.