رفع الجيش التركي جهوزيته لبدء العملية المرتقبة شرقي سوريا، بضوء أخضر أولي من واشنطن، بعدما أعادت الأخيرة النظر بطبيعة علاقتها مع حليفها المحلي الذي تقوده وحدات الحماية الكردية، وذلك ضمن آليات حماية المصالح الأمريكية، ووفق اتفاق غير واضح المعالم مع تركيا التي تعتبرها واشنطن حليفتها الاستراتيجية، وهو ما قد يدفع الوحدات بحسب مراقبين لمرصد مينا للتحالف مع موسكو والنظام السوري، من أجل اعتراض التوغل التركي، فيما عاد الرئيس الأمريكي للإنقلاب مجدداً على أردوغان، معلنا رفضه لأي تحرك عسكري تركي داخل المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف الدولي بقيادة واشنطن، الحدث الذي قرأه مراقبون أيضا، بوجود خلافات بين ترامب ودائرة صناعة القرار الأمريكي.
ووصفت الوحدات الكردية انسحاب واشنطن «طعناً بالظهر» وذلك على لسان المتحدث باسم القوات، “كينو جبريل” في مقابلة له مع تلفزيون الحدث حيث قال ان «التصريح الأمريكي الذي صدر اليوم كان مفاجئاً ويمكننا القول إنه طعن بالظهر لقوات سوريا الديمقراطية»، فيما قال المسؤول في «قسد» مصطفى بالي، أن القوات الأمريكية تركت المنطقة لما يمكن أن يحول إلى ساحة حرب.
من جانبها اعتبرت وزارة الدفاع التركية أن الحفاظ على السلام والاستقرار في سوريا يتطلب إقامة المنطقة الآمنة شمال البلاد، حتى يتمكن السوريون من العيش في أمان.
وذلك في إشارة إلى المنطقة التي تنوي أنقرة التوغل فيها شرق نهر الفرات، وكشفت الوزارة في تغريدةٍ لها على موقع تويتر عن استكمالها كافة الاستعدادات والإجراءات اللازمة للبدء بالعملية العسكرية المحتملة في المنطقة، والتي أكد الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” أنها قد تبدأ في أي وقتٍ.
ونقلت وسائل إعلامية عن مسؤول في الإدارة الأمريكية تأكيده أن الانسحاب من بعض المواقع شمال سوريا لا يمثل انسحاباً كاملاً، وإنما انسحاباً جزئياً تخلله إعادة انتشار لما بين 50 إلى 100 في المنطقة الشمالية.
الرئيس الأمريكي، بدوره، دافع بداية عن قرار إدارته في سحب الجنود الأمريكيين من المناطق المحاذية للشريط الحدودي، بين تركيا وسوريا، آذنا لأنقرة بتنفيذ عملية عسكرية ضد الأكراد، حيث كتب سلسلة من التغريدات على حسابه الرسمي في موقع توتير أشار فيها إلى أن مواصلة دعم القوات الكردية المتحالفة مع الولايات المتحدة في المنطقة، كان مكلف للغاية، وتابع “ترامب” قائلا “الأكراد قاتلوا معنا، لكنهم حصلوا على مبالغ طائلة وعتاد هائل لفعل ذلك، إنهم يقاتلون تركيا منذ عقود، وأبقيت نفسي بمنأى عن هذه المعركة على مدى ثلاث سنوات تقريبا”.
تزامناً، نشر ناشطون أكراد مقطع فيديو مصور يظهر لحظات انسحاب القوات الأمريكية من مناطق تمركزها شمال سوريا، الاثنين، دون تحديد وجهة الانسحاب، وفي الجانب المقابل أعلنت ميليشيات “قسد” أعلنت حالة الاستنفار الكامل بين عناصرها استعداداً لمواجهة اجتياح عسكري تركي وشيك لمنطقة شرق الفرات.
وأضافت الميليشيا الكردية في يبانٍ لها: “رغم الجهود المبذولة من قبلنا لتجنب أي تصعيد عسكري مع تركيا والمرونة التي أبديناها من أجل المضي قدماً لإنشاء آلية أمن الحدود وقيامنا بكل مايقع على عاتقنا من التزامات في هذا الشأن إلا أن القوات الأمريكية لم تفي بالتزاماتها وسحبت قواتها من المناطق الحدودية مع تركيا، وتركيا تقوم الآن بالتحضير لعملية غزو لشمال وشرق سوريا”.
ويقول مراقبون ان الاتفاق الامريكي – التركي الغير معلنة تفاصيله، يقود إلى أن هذه الأخيرة ستكون معنية بمنع المخاطر التي قد تلحق بالأمن القومي الأمريكي من روسيا وإيران في ظل السياسات الحالية المتبعة من قبلهما والتي تدفع نحو تقويض بنية النظام الأمني العالمي.
ويعتبر الخبير في العلاقات الدولية “محمد العطار” في تصريح لمرصد مينا ان آفاق العملية الوشيكة، معقدة، عازيا السبب الى ان العمليات العسكرية ستترك اثار سلبية على المدنيين كون قسد “ستصهر الشبان الكرد والعرب والسريان والتركمان في بوتقة واحدة من أجل أجندتها ودفاعا عن نفسها” خوفا من التوغل التركي الذي سيعيد ترسيم خريطة الصراع السوري مرة أخرى، ويوسع رقعة الأراضي الخاضعة لسيطرة تركيا على الحدود.
حظر جوي
أعلنت وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون”، مساء الاثنين، أن مركز العمليات الجوية المشتركة، أخرج تركيا من ترتيب المهام الجوية في سورية.
وأكدت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية “كارلا غليسون”، في تصريحات صحافية حيث أكدت أن المركز أوقف تزويد تركيا بمعلومات المراقبة والاستكشاف.
وحول إذا ماكانت هذه الخطوة تعتبر بمثابة إغلاق المجال الجوي في وجه الطيران التركي، قال “غليسون”: “من الناحية التقنية لا يمكننا القول إن المجال الجوي أُغلق في وجه الطيران التركي، ولكن عندما يتم إخراج آلية جوية من ترتيب المهام الجوية، فإن تحليقها في مجال جوي دون تنسيق أشبه بالمستحيل”.
تخوف أممي
قال مسؤول كبير في الأمم المتحدة إنه يجب حماية المدنيين من أي عملية عسكرية تركية في شمال شرق سوريا، حيث تأمل المنظمة الدولية في الحيلولة دون وقوع انتهاكات أو موجات نزوح، وقال منسق الشؤون الإنسانية الإقليمي للأزمة السورية بانوس مومسيس للصحفيين في جنيف إن الأمم المتحدة أعدت خططا طارئة لتقديم المساعدات.
يأتي ذلك بعدما أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، السبت، أن بلاده ستنفذ عملية جوية وبرية بشرق الفرات في سوريا “لإرساء السلام هناك”، قائلا إنها “باتت قريبة إلى حد يمكن القول إنها ستحدث اليوم أو يوم غد”.
ترامب يتوعد
من جهته، شن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هجوماً عنيفاً، أمس الاثنين على تركيا، حليفته في حلف شمال الأطلسي، مهدداً بتدمير اقتصادها إذا مضت قدما في هجوم عسكري تعتزم تنفيذه في سورية.
وقال ترامب في تغريدة له على تويتر : “إنه سيدمر ويمحو تماماً اقتصاد تركيا، إذا أقدمت على شيء في سوريا يعتبره “متجاوزا للحدود”، وذلك عقب قراره المتعلق بسحب القوات الأمريكية من شمال شرق سورية.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.