ذكرت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية في تقريرٍ لها، الأربعاء، أن قائد فيلق القدس الإيراني التابع للحرس الثوري الإيراني “قاسم سليماني” توجه جواً إلى بغداد، بعد يوماً واحداً على اندلاع الاحتجاجات في العراق مطلع أوكتوبر الحالي، مشيرة إلى أن الزيارة جاءت في وقت متأخر من الليل.
وأشارت الوكالة إلى أن الجنرال الإيراني استقل طائرة مروحية من أجل الوصول إلى المنطقة الخضراء شديدة التحصين وسط العاصمة العراقية، حيث فاجأ مجموعة من كبار مسؤولي الأمن بترأسه اجتماعا ليحل محل رئيس الوزراء.
وصول قائد الميليشيات الإيرانية في المنطقة “سليماني” يعكس قلق إيران من المظاهرات التي انطلقت في العراق، ورفعت شعارات مناهضة للتدخلات الإيرانية في بلادهم، وما يفسر احتقان الشارع من التدخلات الإيرانية، هي الهتفات التي رددوها خلال احتجاجاتهم منها “إيران برا برا”، وهجومهم على قنصلياتها.
وبحسب مسؤولين اثنين كبار مطلعين على الاجتماع، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما كونهما يتحدثان عن فحوى اجتماع سري، فقد قال سليماني لمسؤولين عراقيين “نحن في إيران نعرف كيفية التعامل مع الاحتجاجات، لقد حدث هذا في إيران وسيطرنا عليه.”
وسُجل في اليوم التالي لزيارة سليماني، تصاعد لوتيرة العنف في الاشتباكات بين المتظاهرين وقوات الأمن في العراق، حيث ارتفع عدد القتلى إلى العشرات بعد أن أطلق قناصة مجهولون النار على المتظاهرين في الرأس.
المظاهرات لم تقف ضد إيران في العراق، فحسب، بل وصلت إلى لبنان التي اندلعت المظاهرات في عموم البلاد، ورفع المتظاهرون شعارات مناهضة أيضاً لإيران، وميليشيا حزب الله، لا سيما بعد أن حاول زعيم الميليشيا تهديد المتظاهرين واتهامهم بالعمالة وتلقي أموال مشبوهة، ردوا عليه بعدة هتافات بينها “كلن يعني كلن ..نصر الله واحد منن” – “أنا ممول الثورة”، وغيرها من الشعارات التي طالت زعيم الميليشيا.
من جهته، قال المحلل الامني العراقي “هشام الهاشمي”: “إيران تخشى هذه المظاهرات لأنها حققت أكبر المكاسب في الحكومة والبرلمان من خلال الأحزاب القريبة منها منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003.
وأضاف “إيران لا تريد أن تفقد هذه المكاسب، لذا فقد حاولت العمل من خلال أحزابها لاحتواء الاحتجاجات بطريقة إيرانية للغاية”.
رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة أوراسيا ” أيهم كامل”، بدوره قال : “الاحتجاجات في كل من العراق ولبنان تتعلق بالأساس بالسياسات المحلية وطبقة سياسية فاسدة فشلت في تنفيذها”، مشيراً إلى أن الاحتجاجات تظهر فشل نموذج الوكيل حيث تستطيع إيران توسيع نفوذها لكن حلفاءها غير قادرين على الحكم بنجاح.”
ظهر خوف إيران، من المظاهرات العراقية واللبنانية، عبر قيام ميليشياتها بقمع المتظاهرين في البلدين، حيث قامت ميليشيا حزب الله بالهجوم على المتظاهرين في لبنان، وكسرت وخربت خيمهم، ماتسبب بوقوع جرحى في صفوفهم، قبل أن يتدخل الجيش اللبناني ويفرقهم.
في حين قامت ميليشيا تتبع لإيران في العراق بقنص المتظاهرين، الأمر الذي أكدته تقارير رسمية، تثبت أن الميليشيات الإيرانية، هي من تقف وراء قنص المتظاهرين، والتي تسببت بوفاة أكثر من 150 متظاهر وجرح الآلاف.
كما بدا ذلك جلياً، في تصريحات المرشد الأعلى في إيران “علي خامنئي”، التي أطلقها اليوم الأربعاء، وهاجم فيها الحركات الاحتجاجية في كلٍ من العراق ولبنان، متهماً الولايات المتحدة وإسرائيل بالوقوف ورائها، والتحريض على استخدام العنف.
وأضاف المرشد الأعلى: “من يحرص على مصلحة لبنان والعراق يجب أن يعالج أعمال الشغب التي تدار من قبل أميركا وإسرائيل وبعض الدول الرجعية”، دون التطرق للقتلى الذين سقطوا بين المتظاهرين برصاص ميليشيات تتبع لإيران مباشرة، وعلى رأسها منظمة بدر، التي ارتكبت أمس الأول مجرزة بحق المحتجين في مدينة الحلة، أو حتى ميليشيا حزب الله التي تسبب بجرح مواطنيين لبنانيين.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.