ما زال الأسد الذي يقتل شعبه منذ تسع سنوات، وشرع أرضه لكل محتلي العالم، يكذب لم يمل الكذب العلني، على أنه كان يكذب قبلها بشكل غير معلن.
لم يكن مغيباً كما كان يدعي ويصدقه البعض، فرغم محاولته المتكررة الفاشلة، تمثيل دور الشاب القادم من الغرب، إلا أنه فشل في ارتداء القناع الذي لم يعد أحد يصدقه الآن، حتى الموالون يعرفون أنه كاذب وأنه مجرد لعبة بيد الروس.
ففي تصريحاته لقناة روسيا اليوم، قال الأسد: “غالبية الشعب السوري تدعمنا، ولدينا كل المعلومات ولسنا بحاجة لأداة التعذيب للحصول عليها”، وأضاف، “المشكلة بدأت في سوريا عندما تدفقت الأموال القطرية، وقد تواصلنا مع العمال لنسألهم لماذا لا تداومون في ورشكم فقالوا: إننا نحصل في ساعة واحدة على ما نحصل عليه خلال أسبوع من العمل. كان ذلك في غاية البساطة. كانوا يدفعون لهم خمسين دولارا في البداية ولاحقا باتوا يدفعون لهم 100 دولار في الأسبوع وهو ما كان يكفيهم للعيش دون عمل، وبالتالي بات من الأسهل عليهم الانضمام إلى المظاهرات. وبعد ذلك بات من الأسهل دفعهم نحو التسلح وإطلاق النار”، حسب زعمه، وأضاف أن “الحكومة القطرية ستنكر ذلك بالتأكيد”.
وبالعودة إلى بدايات الثورة السورية، وخاصة بتلك الأخبار المتعلقة بالطفل السوري الشهير “حمزة الخطيب”، قال بشار الأسد: لم نعذب الطفل الذي كان يبلغ من العمر 13 عاما، متهما جهات لم يسمها بقتله، مشيرًا إلى أنه زار أهله وأقنعهم بروايته لواقعة مقتل الخطيب، ليعود بعد ذلك لمهاجمة الثورة السورية، وينكر سلميتها، إذ قال: “الاحتجاجات لم تكن سلمية”، مضيفًا “منذ البداية لم تكن عبارة (المظاهرات السلمية) صحيحة، كان هناك إطلاق نار، ولا تستطيع أن تتعرف على من يطلق النار على الشرطة، ومن يطلق النار على المدنيين لأنه في معظم الأحداث حينذاك، لم يكن رجال الشرطة يحملون رشاشاتٍ ولا حتى مسدسات”.
كذلك صرح بشار الأسد، وهو الحاكم الصوري للجمهورية العربية السورية، أنه في انتخابات 2021 يمكن لأي سوري أن يترشح للانتخابات الرئاسية، لا تبدو الكذبة غريبة للشعب السوري الذي انقسم اليوم قسمين.
الأول: يعيش في سوريا “الأسد”، لا يمكنه التفكير خارج الإطار السياسي المبرمج له، لأسباب كثيرة تجعل منه إنساناً آلياً يستيقظ فجراً ليحاول أن يعيش حياة تليق بالحد البشري الأدنى، وينام مساءً على أمل أن يجد صباحاً جديداً أفضل، وما بين النوم والاستيقاظ يحاول السوري الذي يعيش في مملكة الأسد ضبط أحلامه المراقبة.
أما الثاني، هم السوريون الذين غادروا الوطن، تهجيراً أو هرباً، أو حتى رغبة في التغيير التي جرت رياحه تعبر البلد من جنوبه حتى شماله، هؤلاء ما زالوا يشنعون على إخوانهم في الوطن استكانتهم، وهم يستجمون خارجاً، أو أنهم مهمومون برزق يومهم في بلاد الغربة القاسية، أو حتى أنهم غير مبالين فيما يحصل أو سيحصل لذاك البلد الذي ولدوا فيه.
قال رأس النظام السوري “بشار الأسد”؛ إن انتخابات الرئاسة في البلاد في عام 2021 ستكون مفتوحة أمام أي شخص يريد الترشح وإنها ستشهد مشاركة العديد من المتنافسين، أدلى الأسد بالتصريحات في مقابلة بثتها اليوم الاثنين قناة (آر.تي) التلفزيونية الروسية والمملوكة للدولة الروسية.
وكانت انتخابات الرئاسة السورية في عام 2014 قد شهدت تنافساً على قصر المهاجرين، لكنه تنافس صوري إذ فاز الأسد حينها بنسبة وصلت لـ 88%، ليس احتراماً للمنافسين الآخرين فقط، وإنما احتراماً لقواعد اللعبة الديمقراطية، علماً بأنها المرة الأولى التي تتدنى فيها نسبة فوز الأسد –من الأب إلى الابن- تحت 99.9%.
وقال “الأسد”: ” كنا في المرة الماضية ثلاثة، وهذه المرة بالطبع سيكون لدينا كل من يريدون الترشح، سيكون هناك العديد من المرشحين”، من غير المعروف بالضبط إن كان الأسد يتكلم حقيقةً أم أنه يلقي التصريحات عبثاً، دون أن يعي ما يقول، فهل ضمن هو أصلاً الرضا الدولي لبقائه في دمشق بعد عام 2021؟.
وفي آذار 2016 كان “الأسد” قد أعلن استعداده لخوض انتخابات رئاسية مبكرة، كما أبدى استعداده ايضاً لاستيعاب المسلحين الراغبين في إلقاء السلاح “حقناً للدماء السورية”، وهو الذي أطلق من منطقة قريبة من قصره صواريخ محملة بأسلحة كيماوية محرمة دولياً على غوطتي دمشق التي تبعد أقل من 50 كم عن قصره وقضى في تلك المجزرة مئات المدنيين نسبة كبيرة منهم كانت من الأطفال.
وتعتبر تصريحات 2016 الأولى للأسد من هذا النوع، ويشكل مصير الأسد عائقا مهما في مفاوضات جنيف، التي ما زالت تشهد فصولاً جديدة في المشهد السياسي السوري الذي لا يكترث الشعب الباحث عن أمنه فيه، حيث يرفض النظام السوري مناقشة مصير الأسد، بينما يشترط مفاوضو المعارضة رحيله عن المشهد السياسي.
هل يملك الأسد السيادة على سوريا 2021؟
على ما يبدو من تصريحات “الأسد” فإن المنافسة على كرسي الرئاسة السوري في انتخابات 2021، قوي جداً لدرجة أن رأس النظام يطلب المزيد من المنافسين، ويحضر لتلك الانتخابات من الآن.
يسيطر الأن “بشار الأسد” صورياً على قصر المهاجرين، والذي منه تصدر القرارات السيادية السورية بأوامر روسية وتوقيع “الأسد”، والكل بات يعرف هذه الحقيقة.
كما أن الأراضي السورية، تتوازعها، روسيا وأمريكا وتركيا، وتنازع إيران لأجل الحصول على حصتها، مع وجود دولي في المناطقة الشرقية والشمالية حيث القواعد الألمانية والفرنسية وغيرها، فعن أي انتخابات رئاسية يتحدث الأسد إذاً؟ وما هي صلاحية الرئيس الجديد؟.
بموافقة دولية وأمريكية، على وجه التحديد، تسيطر روسيا على القرارات السورية لحفظ الأمن القومي الإسرائيلي جنوب سوريا، ولقص أذرع إيران في المنطقة الممتدة من إيران وحتى لبنان، وسوريا هي المرر الأساسي لهذه الأذرع.
كما أن روسيا تتواحد بقوة في الأراضي السورية الشمالية في حلب والساحل، وفي المنطقة الوسطى في حماة وحمص، بالرغم من وجود مراكز وقواعد للمليشيات الشيعية المدعومة من إيران، والتي تتبع مباشرة لحزب الله اللبناني.
وتسيطر تركيا بتفويض أمريكي على الحدود الشمالية السورية التركية، حتى أنها بدأت باتباع سياسة التتريك، فالقوانين الدولية، تحفظ لحد ما المصالح التركية في شمال سوريا والعراق.
وتحمي الولايات المتحدة الأمريكية النفط السورية في المنطقة الشمالية والشمالية الشرقية تمهيداً لاستثماره، وفق تصريحات الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، كما أن الدول التي ضخت أموالاً في سوريا مثل ألمانيا وفرنسا تنتظر حصتها في الكعكة السورية.
فعن أي رئاسة وانتخابات كان يتحدث الأسد، الذي لم يبد غضباً أثناء اللقاء التلفزيوني من سرقة أرض وثروة يفترض أنه حاميهما؟.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.