لم تنته الحملة التي شنتها منظمات عمالية تونسية ضد ما أسمته سرقة تركيا للاستثمارات في تونس، والتي أثارت جدلاً كبيراً في البلاد، حتى خرج السفير التركي في تونس “علي أونانير” بتصريحٍ، أكد خلاله أن بلاده عازمة على مواصلة الاستثمار في تونس، إلى جانب ما أسماه بـ”وقوفها” إلى جانب الشعب التونسي من أجل إنجاح المسار الديمقراطي.
تصريحات السفير التركي، والتي أطلقها خلال لقائه زعيم البرلمان التونسي وحركة النهضة المقربة من جماعة الإخوان المسلمين “راشد الغنوشي”، اعتبرت مستفزة للأوساط التونسية الحزبية والعمالية، التي اتهمت الحركة خلال الأيام الماضية ببيع اقتصاد البلاد لحكومة الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” بالمجان، خاصة في ما يتعلق بقضية مطار النفيضة، الذي طالب اتحاد الشغل التونسي بفتح تحقيق فيها.
في غضون ذلك، أشار “أونانير” إلى أن تركيا تعمل على رفع حجم الاستيراد من السلع التونسية، ودعوة المستثمرين الأتراك إلى ضخ مزيد من السيولة، بهدف خلق فرص تشغيل جديدة للشباب التونسي، على حد قوله.
تزامناً، وصف “الغنوشي” إلى أن العلاقات التونسية – التركية بـ التاريخية”، وذلك في وقت تشهد فيه البلاد حركة معارضة كبيرة للتغلغل التركي في مفاصل السياسة والاقتصاد، لا سيما في ظل الحكومات المتعاقبة التي شكلتها حركة النهضة خلال السنوات الثمان الماضية، وهو ما عكسه رفض كافة الكتل السياسية التونسية الدخول في ائتلاف حكومي مع حركة النهضة، وسط اتهامات لها بمحاولة السيطرة على البلاد.
كما شدد “الغنوشي” على أن موقع تونس الاستراتيجي في شمال إفريقيا، يجعلها بوابة اقتصادية وتجارية، بين شمال المتوسط وجنوبه ونحو البلدان الإفريقية.
ولا تزال علاقة الحركة بالحكومة التركية محل جدل في الأوساط التونسية، خاصة مع التقارب الكبير الذي يجمعهما بتنظيم الإخوان المسلمين الدولي، وهو الجدل الذي فجرته شبهات الفساد التي حاطت بالكثير من الاستثمارات التركية في تونس، والتي كان من بينها صفقة تشغيل مطار النفيضة، حيث أكد رئيس اتحاد الشغل التونسي “نور الدين الطبوبي”، في تصريحاته الأخيرة أمس الإثنين، أن الدولة التونسية لم تتلقى أي أموالٍ من الشركة التركية التي تشغل المطار، متهماً حركة النهضة، التي تسيطر على الحكومة، بأنها باعت البلد لحليفها في تركيا، الرئيس “رجب طيب أردوغان”.
كما كان المسؤول النقابي “الطبوبي” قد صرح حول قضية المطار في وقتٍ سابق: “الحكومة الحالية التي يترأسها يوسف الشاهد هي التي أبرمت هذا الاتفاق المشبوه وهي على علم تام بكافة تفاصيله”، معتبراً أن ملف صفقة المطار واحداً من أخطر ملفات الفساد ، مشددا على ضرورة فتحه لمحاسبة من أقدم على اتخاذ هذا القرار بشكل أحادي وسري دون استشارة موسعة أو عرضه على البرلمان.
وبين الاتحاد أن الاتفاقية الجديدة تتعلق باستغلال مطار “النفيضة” أو ما كان يعرف سابقاً بـ”الحمامات الدولي” بمقابل رمزي لصالح الشركة التركية، مشيراً إلى أن ذلك التعديل تم بسرية مطلقة، لا سيما وأنه مكن الشركة من تخفيض 65 في المئة من التزاماتها للحكومة التونسية مقابل تشغيل المطار.
حقوق النشر والطبع ورقياً والكترونياً محفوظة لصالح مرصد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الإعلامي.